1-الكفر والإلحاد - تفسیر سوره البقره نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر سوره البقره - نسخه متنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


إلاّ من أتي الله بقلب سليم قال السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه ، قال وكلّ قلبٍ فيه شرك أو شك فهو ساقط ، و إنَّما أراد بالزهد في الدنيا لتفزع قلوبهم إلى الآخرة)) .

وعلى ضوئه يمكننا التعرف على حقيقة التقوى و المتقين الذين هم المهتدون بالقرآن فإنَّ التقوى ملكة قلبيَّة توجب الإطمينان والأمن والسلام، كما قال تعالى « إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ،ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ »[105]وقد شرح سبحانه هذا المقام السامي بقوله « وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ، ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ »[106]فتأمَّل في كلٍ من المفاهيم التي وردت في الآيات خاصَّة كلمة أوّاب و خشي و قلب منيب و يوم الخلود ثم ارجع إلى ما ذكرنا، تعرف أنَّ الأمر كلَّه راجع إلى القلوب ليس إلا . وسيأتي تفصل حالة التقوى الكامنة في القلب التِّي هي الأساس للاهتمام الإلهي و العنايات الخاصة فانتظر.

ثمَّ.

إنَّ في قبال القلب السليم، هناك قلوبٌ يعتريها أمراض لا حصر لها هي التي تقف دون تقبُّل الفيوضات الربّانية ، وقد بيَّنها القرآن الكريم تفصيلاً، فلو تعرَّفنا عليها، أمكننا أن نفسِّر آيات الهداية والإضلال ونتعرَّف على شروطهما ، فلنبدأ بالسلبيَّة منها أعني التِّي تمنع من الاهتداء بالهدى ثمَّ نتطرَّق إلى الإيجابيَّة، أعني الأرضيَّة الخصبة لتقبُّل الهداية الإلهيَّة ..

ولا بد أن ننبِّه القرّاء الكرام بأنَّنا لسنا بصدد استقرار جميع الآيات في هذا البحث وإنَّما نستعرض الخطوط العامَّة وتفصيلها سوف يبيَّن في موضعه الخاص به..

موانع الهداية

هناك أمور ينبغي أن يتجنبها الإنسان على مستوى الفرد أو المجتمع لتشمله الهداية الخاصة الإلهية ، قد تطرَّق إليها القرآن الكريم ، نضعهما تحت عنوانين رئيسيين هما

1-الكفر والإلحاد

2-النفاق

وحيث أنَّ الحالة الثانيَّة أعني النفاق أخطر من الحالة الأولى -كما ستعرف في تفسير الآية السادسة فما بعدها من سورة البقرة - فلذلك سوف نبدأ ببيان العنوان الأوَّل لننتقل إلى العنوان الثاني ..

إنَّ أهم التعبيرات التي وردت في هذا المجال هي 1-«َاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ »[107].

2-« اللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ »[108].

3-« اللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ »[109].

4-« إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ »[110].

ولا تظنَّ أنَّ هذه العناوين القبيحة أعني الظلم والكفر والفسق و الإسراف والكذب، قد وردت في شأن غير المسلمين بلسانهم أعني الكافرين والملحدين ! بل هي تمس المنافقين أضعافاً مضاعفة أكثرَ من الكافرين ..

وهذا إن دلَّ على شيء فيدلُّ على خطورة مرض النفاق وخباثته المضاعف وباعتبار أنَّ الأشياء تعرف بأضدادها، يدلُّ ذلك على صفاء وسلامة قلوب المتَّقين . ومن أين اكتسبوا هذا الصفاء؟ هذا ما سيتَّضح فيما بعد إن شاء الله تعالى.

فلنتحدث عن كل واحدة من تلك الصفات التي تشكِّل أمراضاً نفسيَّة لنرى مدى شموليتها للكافرين و المنافقين من المسلمين ..

1-القوم الظالمين

هناك عشرة آيات في القرآن الكريم تركِّز أنَّ «َاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ »[111].

أحدها تتعلَّق بنمرود حيث ادعى الربوبيَّة فالإحياء والإماتة قال تعالى«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ »[112]وهذا يشمل كلّ من يتَّصف بهذه الصفة النمرودية فإنه طبعاً ظالم لنفسه ولمن يتَّبعه من الملأ .

والباقي تختص بأهل الكتاب وهم الذين اتَّخذوا مواقف سلبيَّة في قبال الإسلام والرسول بعد ما تبيَّن لهم الحق، وقد ذكر سبحانه تلك المواقف وهي تتلخَّص في من لم يسلك طريق الإسلام ويبتغي غير الإسلام ديناً ومن كفر بالرسول من بعد ما تبيَّن له أنَّه الحق خصوصاً علماء السوء من بني إسرائيل الذين حمِّلوا التوراة ثمَّ لم يحملوها، وأيضاً النصارى الذين بشِّروا برسول اسمه أحمد فلمّا عرفوه أنكروه ، من يفتري على الله كذباً فيتبع هواه بغير علم ..

وثلاثةمن تلك الآيات تركِّز على المنافقين 1-« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ »[113].

2-من يترك التكاليف الواجبة ويسعى في الأمور الظاهريَّة التي ليس لها أصالة وعمق، رئاء الناس وقد ذكر سبحانه مصداقاً بارزاً حيث قال « إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ ،أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ »[114] ولا يخفى عليك الفرق بين التعمير و العمارة فالمنافقون لا يعمِّرون مساجد الله بل يَعمُرونها.

ولقد وصفهم الله تعالى ثانياً بصفة الظلم الشنيعة عندما بيَّن واقعهم المنهار فقال « أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ »[115].

2-القوم الكافرين

ورد هذا التعبير أعني « وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ »[116]في آيات أربعة إلا أنَّ ثلاثة منها قد قصد الله منها المنافقين دون الكافرين بالمعني المصطلح وتلك الآيات الثلاثة هي 1-«يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ »[117].

فالآية وردت في شأن يوم الغدير حيث أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام وقال .

(( يا أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمره الله ثم دعاه فأجابه ، فأوشك أن أدعى فأجيب ، وأنا مسئول وأنتم مسئولون فماذا انتم قائلون ؟ فقالوا نشهد انك قد بلغت ونصحت وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين ، فقال اللهم اشهد ثلث مرات ، ثم قال يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغايب .)).

ولكن المنافقين أنكروا كلَّ ذلك رغم وضوح الأمر فدخلوا -عندئذ - في نطاق الكافرين ، وقد مرَّ ما يؤكِّد ذلك في تفسيرنا لفاتحة الكتاب فراجع ..

2-ما ورد في الرياء حيث قال تعالى « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ »[118].

3-« مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ»[119].

وقد وردت الآية فيجماعة اكرهوا وهم عمار وياسر أبوه وأمه سمية وصهيب وبلال وخباب الذين عذبوا وقُتل أبو عمار وأمه ، فأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا منه ، ثم اخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه واله فقال قوم كفر عمار! فقال صلى الله عليه واله ((كلا إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه ، وجاء عمار إلى رسول الله صلى الله عليه واله وهو يبكى فقال صلى الله عليه وآله ما وراك ؟ قال شر يا رسول الله ما تركت حتى نلت منك ، وذكرت آلهتهم بخير ، فجعل رسول الله صلى الله عليه واله يمسح عينيهويقول إن عادوا لك فعد لهم بما قلت ، فنزلت الآية))

/ 47