قال الشيخ المفيد: "اتفقت الاِمامية على أنّ مرتكب الكبائر من أهل
المعرفة والاِقرار لا يخرج بذلك عن الاِسلام وأنّه مسلم، وإن كان فاسقاً بما فعله
من الكبائر والآثام، ووافقهم على هذا القول المرجئة كافّة، وأصحاب الحديث
قاطبة، ونفر من الزيدية وأجمعت المعتزلة وكثير من الخوارج والزيدية على
خلاف ذلك، وزعموا انّ مرتكب الكبائر ممّن ذكرناه فاسق ليس بموَمن ولا
مسلم(1) .
هذا وتحقيق الحق يأتي في الفصل القادم.
1. المفيد: أوائل المقالات ص 15.
الإيمان في الكتاب والسنّة، وفيه عشر جهات
الجهة الثانية:
في أنّ العمل جزء من الاِيمان وعدمه
قد عرفت أنّ الخوارج والمعتزلة جعلوا الاِيمان مركّباً من التصديق
والعمل ولاَجله كفّروا مرتكب الكبيرة أو جعلوه في منزلة بين المنزلتين، لكن
دراسة الموضوع حسب الآيات القرآنية يرشدنا إلى خروج العمل عن الاِيمان،
وتكفي في هذه الآيات التالية:
1 ـ قال سبحانه: (إنّ الَّذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ) (البقرة ـ 277)
فمقتضى العطف هو المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، فلو كان العمل
داخلاً فيه لزم التكرار، واحتمال كون المقام من قبيل ذكر الخاص بعد العام
يتوقف على وجود نكتة لتخصيصه بالذكر. أضف إلى ذلك أنّ الصالحات جمع
معرّف يشمل الفرض والنقل، والقائل بكون العمل جزءاً من الاِيمان يريد به
خصوص فعل الواجبات واجتناب المحرمات، فكيف يمكن أن تكون
الصالحات بهذا المعنى جزء الاِيمان ويكون ذكره من قبيل عطف الخاص على
العام.
2 ـ قال سبحانه: (وَمْن يَعْمَل مِنَ الصّالِحاتِ وَهُو مُوَْمِنٌ) (طه ـ 112)
وقوله: (وهو موَمن ) جملة حالية والمقصود يعمل صالحاً حال كونه موَمناً وهذا
يقتضى المغايرة.