والتقية، ومسح الاَرجل، وترك التثويب وقبض اليد اليسرى باليمنى، إلى غير ذلك من الفروع التي اختلفت فيها كلمات فقهاء الشيعة عن أهل السنّة. فلماذا باؤكم تجرُّ وباؤنا لا تجر (تِلكَ إذاً قِسْمَةٌ ضِيزى ) .
ففي هذا الجو المفعم بالعداء والتباغض وسوء الظن لاتتحقّق الوحدة، بل تتقوّى الفرقة وتنثلم العروة الوثقى.
إنّ الشيعة في عصري الاَمويين والعباسيين كانوا فريسة للظالمين، ولم يكن لهم محيص إلاّ التقية فإنّها سلاح الضعيف وعليها جُبلت طبيعة البشر وشرّعها الاِسلام في الظروف الحرجة، وربما تحرم التقية التي جاء بها القرآن الكريم في سورتين مباركتين(1) وأطبق على جوازها كل المفسّرين، إذا توقف حفظ الكرامة وصيانة الحق على تركها، ومع ذلك نرى أنّه يشنّع بها على الشيعة ويُزدرى بها عليهم كأنّهم جاءوا بأمر فظيع.
وأنت إذا قرأت تاريخ الشيعة وما حاقت بهم من بلايا ومصائب من أخذهم بالظنّة والتهمة، وقتلهم تحت كل حجر ومدر، وصلبهم على مشانق البغي، تقف على أنّه لم يكن لهم محيص للحفاظ على حياتهم إلاّ التقية.
نعم كان هناك رجال رجّحوا التضرّج بالدماء على الحياة مع الظالمين.
فلو كان هناك ذنب في اعمال التقية فالبادىَ بها أظلم، أي من دفعهم إلى العمل بها.
فيا أيّها المسلمون كونوا أنصار الوحدة والاَُلفة، ولاتكونوا دعاة التفرقة (وَلاتَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إلَيْكُمُ السّلاََم لَسْتَ مُوَمِناً)(2) . وارفضوا سوء الظن بإخوانكم، واسمحوا لهم ما سمحتم لاَنفسكم.