السّيئاتِ حتّى إذا حَضَـرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إنّي تُبْتُ الآن) (1) وبهذا تبيّن أنّ المتعيّن هو رجوع الضمير إلى المسيح، ويكون مفاد الآية، أنّ أهل الكتاب يوَمنون بالمسيح، ويخرجون من الجحد والشك والكفر، قبل موت عيسى وذلك في ظرف خاص، يعلم تفصيله ممّا ورد في الروايات من نزول السيد المسيح، وقتله الدجال، وائتمامه بإمام المسلمين، الذي هو المصلح الموعود في الكتب والزبر. فالتدبّر في سياق الآية هذه، وما ينضم إليها من الآيات المربوطة بها، يفيد أنّ عيسى ـ عليه السلام ـ لم يتوفَ بقتل أو صلب ولا بالموت حتف الاَنف، وانّ الكتابيين جميعاً، سيوَمنون به قبل موته، ويشاهدونه عياناً ويذعنون له إذعاناً لا خلاف فيه، وهذا فرع كونه حياً حتى يوَمن به كل كتابي قبل موته، وعلى هذا فالظاهر انّ المراد كل الكتابيين الموجودين في ذلك الزمان، لا من مات وغبر من عصر المسيح إلى ذلك اليوم. تفسير الآية الخامسة: أمّا الآية الخامسة: وهي قوله: (وإِنَّهُ لَعِلمٌ للسّاعَةِ فَلا تمترنَّ بِها و اتبِعُونِ هَذَا صِراطٌ مُسْتَقيم )(2) . فهذه الآية وما قبلها، بصدد بيان شأن المسيح، وموقفه أمام الله سبحانه، وأنّه لم يكن إلهاً بل كان كما وصفه سبحانه: (إنْ هُوَ إلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسرائيلَ * وَلَو نَشَاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الاَرْضِ يَخْلُفُونَ *وَإنّهُ لَعِلمٌ للسّاعَة )(3) . 1. سورة النساء: الآية 18. 2. سورة الزخرف: الآيات: 59 ـ 61. 3. سورة الزخرف: الآيات: 59 ـ 61.