والنهي وبذاك يمتاز عن تفسير الباطنية فإنّهم يرفضون كون الظواهر مرادة ويأخذون بالبواطن هذا هو حاصل التفسير الاِشاري. وربما يوَيد ذلك ما ورد عن نبي الاِسلام "صلى الله عليه وآله وسلم " بأنّ للقرآن ظهراً وبطناً، وظاهره حكم، وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق(1) وربما يوَيد أيضاً بقول سبحانه:(فَما لِهوَلاءِ القَومِ لا يَكادُونَ يَفقَهُونَ حَديثاً) (2) . وقوله تعالى:(أفَلا يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ وَلَو كانَ مِن عندِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدُوا فيه اختلافاً كَثيراً) (3) وقوله تعالى:(أفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ أمْ عَلى قُلوبٍ أقفالُها)(4) فهذه الآيات تشير إلى أنّ القرآن له ظهر وبطن وذلك لاَنّ الله سبحانه حيث يصف الكافرين بأنّهم لايكادون يفقهون حديثاً لايريد بذلك أنّهم لا يفهمون نفس الكلام، لاَنّ القوم كانوا عرباً والقرآن لم يخرج عن لغتهم فهم يفهمون ظاهره بلا شك، وإنّما أراد بذلك أنّهم لايفهمون مراده من الخطاب فحضّهم على أن يتدبروا في آياته حتى يقفوا على مقصود الله ومراده وذلك هو الباطن الذي جهلوه ولم يصلوا إليه بعقولهم(5) 1. الكافي: 2 / 9238. 2. النساء: 78. 3. النساء: 82. 4. محمد. 5. التفسير والمفسرون، نقلاً عن الموافقات: 3 / 382 ـ 383.