والحصيلة من كلماتهم أنّ الثلاثي المجرّد من مادة "أمن" يستعمل في ضدّ الخوف كما قال سبحانه: (وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْناً يَعْبُدونَنِي لايُشْرِكُوا بِي شَيْئاً) (النور ـ 55) وأمّا المزيد منه فالمقرون بالباء أو اللام يأتى بمعنى التصديق كقوله سبحانه: (امَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إلَيهِ مِنْ رَبّهِ ) (البقرة ـ 285) وقوله عزّ من قائل: (وَما أنْتَ بِمُوَْمِنٍ لَنا) (يوسف ـ 17) وأمّا المتعدّي بنفسه فهو بمعنى ضدّ أخاف، كما عرفت.
وعلى ذلك درج المتكلّمون في تعريف الاِيمان حيث فسّروه بالتصديق.
قال عضد الدين الاِيجي: الاِيمان: التصديق للرسول فيما علم مجيئه به ضرورة، فتفصيلاً فيما علم تفصيلاً، وإجمالاً فيما علم إجمالاً(1)
وقال التفتازاني: الاِيمان: اسم للتصديق عند الاَكثرين أي تصديق النبىّ فيما علم مجيئه به بالضرورة(2)
وأمّا أكثر أعلام الشيعة ففسّروه بالتصديق، نقتصر على ما يلى:
قال المرتضى (355 ـ 436هـ): إنّ الاِيمان عبارة عن التصديق القلبي ولا اعتبار بما يجري على اللسان، فمن كان عارفاً بالله تعالى وبكلّ ما أوجب معرفته، مقرّاً بذلك ومصدّقاً فهو موَمن(3)
وقال ابن ميثم: إنّ الاِيمان عبارة عن التصديق القلبي بالله تعالى، وبما جاء به رسوله من قول أو فعل، والقول اللساني سبب ظهوره، وسائر الطاعات ثمرات موَكدة له(4) 0.