مات المعتصم العباسي، وخلفه في الحكم هارون بن محمّد، الملقّب بالواثق، وكان الواثق رجل لهو ومجون وطرب، انصرف إليها وترك أمور الحكم يصرّفها وزيره «الزّيّات»، وكان الزّيّات رجلاً قاسياً، فتح السجون لخصوم الواثق، وأنشأ في أحدها فرناً كبيراً جهّزه بمختلف آلات ووسائل التعذيب، وكان من ضحايا هذا السجن أخو الواثق نفسه، ويلقّب بالمتوكّل، وقد لقي المتوكّل الكثير من صنوف التعذيب على يدي «الزّيّات» نظراً للخلاف المستحكم بين الأخوين، ولتنافسهما الشديد على الحكم.لم يطل حكم الواثق، فقد مات بعد حوالي ست سنواتٍ، وخلفه أخوه المتوكّل، الذي افتتح عهده بالانتقام من وزير أخيه، إذ رماه في الفرن الذي أعدّه الوزير نفسه، وكانت نهاية هذا الوزير الجبّار مصداقاً للقول: «من حفر بئراً لأخيه وقع فيها ».الحقد على الشهداء كما على الأحياءوبعد أن استقرّ الأمر للمتوكّل، وجّه سهام حقده نحو آل محمد سلام الله عليهم، فقد كان يكنّ لهم