من هنا كان اهتمام النبي بفاطمة، وعنايته بها، لا لكونها ابنته - والرسول أجل من أن يهتم بأحدٍ لمجرد النسب - بل لأنّها كانت إنسانةً تعرف اللّه حق معرفته، وكانت تتجلّى فيها صفات الرسول الأكرم، ولأنّ اللّه سبحانه أشار إلى أنّ فاطمة الطاهرة المطهرة، ستكون أمّاً لأحد عشر إماماً معصوماً، وقد بين الرسول مرّاتٍ هذه المزايا ونوّه بها، قال يوماً أمام جمع من كبار المسلمين، وكما ورد في صحيح البخاريّ: «فاطمة بضعة منّي، فمن أغضبها فقد أغضبني». وخاطبها مرّةً قائلاً: «يا فاطمة، إنّ اللّه يغضب لغضبك ويرضى لرضاك».
ما بعد الأب
شارفت الأيام السعيدة على نهايتها، إذ مرض رسول اللّه مرضاً شديداً، وما لبث أن أطبق عينيه الكريمتين وانتقل إلى جوار ربّه، وبدأت رحلة فاطمة مع المصاعب والآلام، لأنّ كل شيءٍ تغير، ومرة واحدة، بعد رحيل النبي الأكرم.فقد عين جماعة من الصحابة أبابكر خليفة، وبايعه أكثر الناس إثر ذلك، أمّا علي عليه السلام، فكان يرى بعد ارتحال الرسول، أنّ الإسلام بحاجةٍ ماسةٍ لوحدة المسلمين ورص الصّفوف، لذا فقد اختار الصّمت، ولم يطالب بحقّه في الخلافة، حرصاً على هذه الوحدة، والتي ما يزال الإسلام بحاجةٍ إليها، وسيبقى إلى يوم الدّين.لكنّ فاطمة عليها السلام. كانت ترى من واجبها أن تنبّه الناس إلى الخطأ الذي وقع، فقصدت مسجد أبيها الرسول، حيث كان الأنصار مجتمعين إلى الخليفة، وهناك أوضحت أمام الملإ حق الإمام عليّ (ع). وحذّرت الناس من سوء العاقبة إذا حلّت الفرقة بينهم محلّ الوحدة، التي كانت أيام رسول اللّه. فالمستقبل ينذر بشر كبير، إن اختار الناس السكوت عن الحق. كما أوضحت أنّ مزرعة «فدك» تخصّ