القول في سورة الرحمن
(بسم الله الرحمن الرحيم)قوله تعالى (الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان) قالفيه (عدد الله عز وجل آلاءه فأراد أن يقدم أول شئ ما هو أسبق قدما في ضروب آلائه الخ) قال أحمد: نغير
من هذا الكلام قوله إن خلق الإنسان كان الغرض فيه: أي المراد منه أن يحيط علما بالكتب والوحي، ويعوض
بأن المراد بخلقه أن يدعى إلى ذلك لا أن يقع ذلك منه، فهذا هو المراد العام، ثم منهم من أراد الله منه أن يحيط علما
بالدين فيسر له ذلك، ومنهم من أراد ضلالته وجهالته فبعد عنه ولم يوفق، والله الموفق للصواب.
عاد كلامه، قال
(ثم ذكر ما تميز به عن سائر الحيوان من البيان وهو المنطق الفصيح المعرب الخ) قال أحمد: وإنما خص الجمل
الأول بذكرها تبكيتا للإنسان لأجل التصاق معانيها به، ألا ترى أنه مذكور فيها نطقا وإضمارا وحذفا مدلولا عليه
في الكلام فهو منطوق به مظهرا في قوله - خلق الإنسان - ومضمرا في قوله - علمه البيان - ومدلولا على حذفه
في قوله علم القرآن فإنه المفعول الثاني، أما قوله - الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان - فليس
للإنسان فيهما ذكر البتة، وجل المقصود من سياقهما التنبيه على عظمة الله تعالى. عاد كلامه، قال (وإنما قرن
هاتين الجملتين لتناسبهما من حيث التقابل الخ).