قوله تعالى (إن ناشئة الليل هي أشد وطئا) قال فيه (قيل الناشئة النفس القائمة بالليل التي تنشأ عن
مضجعها الخ) قال أحمد: فإن حملت الناشئة على النفس فإضافة المواطأة إليها حقيقة، وإن حملتها على الساعات
أو المصدر فهو من الاتساع المجازى.
القول في سورة المدثر
(بسم الله الرحمن الرحيم)قوله تعالى (ثم يطمع أن أزيد) قال (دخلت ثم استبعادا لطمعه وحرصه على الزيادة واستنكارا لذلك فرد اللهطمعه خائبا الخ) قال أحمد: لان الكلمة الشنعاء لما خطرت بباله بعد إمعانه النظر لم يتمالك أن نطق بها من غير تلبث،
قال: فإن قلت: لم لم يوسط بين الجملتين عاطفا؟ وأجاب بأن الثانية أخرجها مخرج التوكيد للأولى.قوله تعالى (وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم) الآية.قال فيه (إن قلت: قد جعل افتتان
الكافرين بعدة الزبانية سببا الخ) قال أحمد: ما جعل افتتانهم بالعدة سببا لذلك وإنما العدة نفسها هي التي جعلت
سببا، لان المراد وما جعلنا عدتهم إلا تسعة عشر، فوضع فتنة للذين كفروا موضع ذلك لان حال هذه العدة
الناقصة واحدا من العشرين أن يفتتن بها من لا يؤمن بالله وبحكمته ولا يذعن وإن خفى عليه وجه الحكمة، كأنه
قيل لقد جعلنا عدتهم عدة من شأنها أن يفتتن بها لأجل استيقان المؤمنين وحيرة الكافرين واستيقان أهل الكتاب.قال أحمد: السائل جعل الفتنة التي هي في تقدير الصفة للعدة، إذ معنى الكلام ذات فتنة سببا فيما بعدها، والمجيب
جعل العدة التي عرضت لها هذه الصفة سببا لا باعتبار عروض الصفة لها، ويجوز أن يكون ليستيقن راجعا إلى
ما قبل الاستثناء كأنه قيل: جعلنا عدتهم سببا لفتنة الكافرين وسببا ليقين المؤمنين، وهذا الوجه أقرب مما ذكره
الزمخشري، وإنما ألجأه إليه اعتقاد أن الله تعالى ما فتنهم ولكنهم فتنوا أنفسهم بناء على قادعة التبعيض في المشيئة
وبئست القاعدة فاحذرها.