القول في سورة الفجر
(بسم الله الرحمن الرحيم)قوله تعالى (فصب عليهم ربك سوط عذاب) قال (إنما خص السوط تقليلا لعذاب الدنيا بالنسبة إلى ما أوعدلهم الخ).قوله تعالى (إن ربك لبالمرصاد. فأما الانسان) الآية، قال فيه (إن قلت: كيف اتصل قوله فأما الانسان بما
قبله الخ) قال أحمد: لا يريد من الانسان إلا الطاعة ولا يأمره إلا بها فاسد الصدر مبنى على أصله الفاسد سليم العجز.عاد كلامه، قال (فإن قلت: فكيف توازن قوله فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه، وقوله وأما إذا ما ابتلاه؟) قال
أحمد: يريد أنه صدر ما بعد أما الأولى بالاسم وما بعد أما الثانية بالفعل، ومقصود السائل أن يكونا مصدرين إما
باسمين أو بفعلين. عاد كلامه، أجاب عن السؤال بأن التقدير بعد الثانية اسم واقع مبتدأ مخبرا عنه بقوله - فيقول
ربى أهانن - حتى يوازن الأول فإنه كذلك قال: فإن قلت: هلا قال فأهانه وقدر عليه رزقه كما قال فأكرمه ونعمه.وأجاب بأن البسط إكرام من الله تعالى للعبد من غير سابقة قيد زائد تفريعا على أصله الفاسد. والحق أن كل نعمة
من الله كذلك. عاد كلامه، قال (وأما التقدير فليس فإهانة فإن ترك التفضل لا يعد إهانة، ألا تراك تقول أكرمني
زيد بالهدية ولا تقول أهانني ولا أكرمني إذا لم يهد إليك شيئا، قال: فإن قلت: فقد قال فأكرمه فصحح إكرامه
وأثبته ثم أنكر قوله - ربى أكرمن - وذمه عليه كما أنكر قوله - ربى أهانن - وذمه عليه. وأجاب بأمرين: أحدهما
أن المنكر عليه اعتقاده أن إكرام الله تعالى له عن استحقاق لمكان نسبه وحسبه وجلالة قدره كما كانوا يعتقدون
الاستحقاق بذلك على الله كما قال - إنما أوتيته على علم -) قال أحمد: والقدري لا يبعد عن ذلك، لأنه يرى أن
النعيم الأعظم في الآخرة حق للعبد على الله واجب له عليه ليس بتفضيل ولا ممنون.