القول في سورة الليل
(بسم الله الرحمن الرحيم)قوله تعالى (وما خلق الذكر والأنثى)قال فيه: يدل على أن الخنثى المشكل عندنا لا بد أن يكون عند الله من
أحد القبيلين ولا يكون عنده نوعا ثالثا إلخ.قوله تعالى (فأما من أعطى واتقى. وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) قال فيه (التيسير لليسرى خلق الألطاف
إلخ) قال أحمد: ألا يطيل لسانه ههنا على أهل السنة ولكن قصره الحق، فتراه يؤول الكلام بل يعطله لأنه يحمله
ما لا يحتمله، وعلى كلامه في أمثالها روعة السارق الخائف.قوله تعالى (فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها الأتقى الذي) إلخ.
قال
(فإن قلت: كيف قال لا يصلاها إلا الأشقى وسيجنبها الأتقى وقد علم أن كل شقي يصلاها إلخ).
قال أحمد: لا شك
أن السائل بنى سؤاله على التمسك بمفهوم الآية لورودها بصيغة التخصيص، فحاصل جواب الزمخشري أن
التخصيص ههنا لفائدة أخرى غير النفي عما عدا المخصص وتلك الفائدة المقابلة، وحيث تمحض لك السؤال
والجواب فهو يلاحظ نظر الشافعي رحمه الله في قوله تعالى - قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه - فإنه
لم يقل بمفهوم حصرها وحملها على أن الحصر لفائدة المقابلة بالرد لأحكام الجاهلية لا لنفي ما عدا المحصور، على أن
الزمخشري إنما ضيق عليه الخناق في هذه الآية حتى التزم ورود السؤال المذكور التفاته إلى قاعدته الفاسدة،
وحذره أن تنقض ويأبى الله إلا نقضها ورفضها، وإذا نزلت الآية على قواعد السنة وضح لك ما قلته فنقول: المصلي
في اللغة أن يحفروا حفيرا فيجمعوا فيه جمرا كثيرا ثم يعمدوا إلى شاة فيدسوها وسطه بين أطباقه، فأما ما يشوى فوق
الجمر أو على التنور فليس بمصلي، وهذا التفسير بعينه نص عليه الزمخشري ونقله عن أهل اللغة في سورة الغاشية
أيضا، وأنا وقفت عليه في كتبهم.