بقطعة من الخطّ بان بها الطّويل من القصيرو بان القصير من الطّويل بوجودها فيأحدهما و عدمها في الآخر فعبّر عن الفصلالمميّز للشّيء عمّا عداه من الأشياءبالفدرة و هي القطعة تمثيلا و تشبيهالمطلق الذّاتيّ سواء كان في المعاني والمعقولات أو في الصّور و المحسوسات وسواء كان في المقادير أو في غيرها بالقطعةمن الشّيء المتكمّم الّتي تقع بهاالبينونة و الاختلاف بينه و بين متكمّمآخر من جنسه، فالباري جلّ اسمه إذ ليس فيذاته تركيب بوجه من الوجوه سواء كانعقليّا أو خارجيّا، و لا أيضا موصوفبالتّقدير و الكمّيّة فليس امتيازه عنالأشياء و امتياز الأشياء عنه إلّا بنفسذاته المقدّسة، و ليس كمثله شيء بوجه منالوجوه (انتهى). و أنت خبير بأنّ «ما» موصولة و جملة «ماكان» متعلّقة بـ «خلق» و «لا» نافية كماعليه بناء كلامه و يكون ابتداء الجملة، ويصير قوله عليه السّلام: خلق بلا- متعلّق،ثمّ انّ استعمال هذه الكلمة الغريبةالوحشيّة الغير المعهودة في كلماتهمعليهم السّلام خصوصا في هذه الخطبةالبليغة الّتي صرّح بأنّها في أعلى درجةالفصاحة ما لا يخفى. مع أنّ في التّعبير عن الفصل المميّزبقطعة من اللّحم من البرودة و البشاعة مالا يحصى بل على ما فسّره فاللّازم أن يكونالكلام هكذا: ما كان له فدرة أي فصل يميّزهعمّا عداه، و على ما ذكره في آخر كلامه منأنّ امتيازه عن الأشياء و امتيازها عنهتعالى بنفس ذاته المقدّسة فالمناسب حينئذأن يكون «ما كان» متعلّقا بالسّابق و يكون«الفدرة» خبرا للمحذوف أي هو تعالى فدرةبان بها من الأشياء و بانت الأشياء منه، وهذا أحسن من نفيها عنه كما لا يخفى».