إنّي (1) أدري، فليس خصما حينئذ. و أمّامدّعي العلم فقدّمنا جوابه و لمّا كان هذاالأمر خفيّا لا جرم أنّه كثر اختصاصالخواصّ به.
و قد أخبرني المقرئ عبد الصّمد بن أحمدالحنبليّ عن الحافظ أبي الفرج بن الجوزيّيرفعه إلى هشام بن محمّد الكلبيّ قال: قاللي أبو بكر بن عيّاش: سألت أبا حصين و عاصمبن بهدلة و الأعمش و غيرهم فقلت: أخبركمأحد أنّه صلّى على عليّ عليه السّلام أوشهد دفنه؟- قالوا: لا، فسألت أباك محمّد بنالسّائب فقال: اخرج به ليلا و خرج الحسن والحسين و محمّد بن الحنفيّة عليهم السّلامو عبد الله بن جعفر (رضي الله عنه) و عدّة منأهل بيته فدفن في ظهر الكوفة. فقلت لأبيك:لم فعل به ذلك؟- قال: مخافة أن تنبشهالخوارج و غيرهم.
و ذكر عبد الحميد بن أبي الحديد في كتابشرح نهج البلاغة حكاية حسنة (2) قال: حدّثنييحيى بن سعيد الحنبليّ المعروف بابن عاليةقال: كنت عند الفخر إسماعيل و كان مقدّمالحنابلة ببغداد في الفقه و الخلاف والمنطق. قال ابن عالية:
و نحن عنده نتحدّث إذ دخل شخص من الحنابلةكان له دين على بعض أهل الكوفة فانحدر اليهيطالبه به فاتّفق أن حضرت زيارة يومالغدير و الحنبليّ المذكور بالكوفةفاجتمع بالمشهد من الخلائق جموع تتجاوزحدّ الحصر و العدّ قال ابن عالية: فجعلالفخر يسأل ذلك الشّخص ما فعلت؟ و ما رأيت؟فقال: يا سيّدي لو شاهدت يوم الزّيارة ويوم الغدير و ما يجري عند قبر عليّ بن أبيطالب من الفضائح و الأقوال الشّنيعة و سبّالصّحابة جهارا بأصوات مرتفعة. فقالإسماعيل: أيّ ذنب لهم؟ و الله ما جرّأهمعلى ذلك و ما فتح لهم هذا الباب إلّا صاحبذلك القبر.
فقال له ذلك الشّخص: و من صاحب ذلك القبريا سيّدي-؟ فقال: عليّ بن أبي طالب عليهالسّلام. قال: يا سيّدي هو الّذي سنّ لهمذلك و علّمهم إيّاه و طرّقهم اليه؟- قال:نعم و الله. فقال: يا سيّدي ان كان محقّافما لنا نتولّى فلانا و فلانا؟
و ان كان مبطلا فما لنا نتولّاه؟ فيجب أننتبرّأ منه أو منهما.
(1) هذا نظير قول أبى عبد الله جعفر الصادق(ع): «ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم».
(2) قد تقدمت هذه الحكاية نقلا عن شرح النهجلابن أبى الحديد (انظر ص 769).