بحيث يحصل بها غرض الظالم من غير معصية،ليصده بذلك عن الوصول إلى غرضه بالظلم.فإذا يجب عليه التعريف في محل جهله، والتخويف فيما هو مستجرئ عليه، و الإرشادإلى ما هو غافل عنه مما يغنيه عن الظلم.فهذه ثلاثة أمور تلزمه إذا توقع للكلامفيه أثرا و ذلك أيضا لازم على كل من اتفق لهدخول على السلطان بعذر أو بغير عذر و عنمحمد بن صالح قال: كنت عند حماد بن سلمة، وإذا ليس في البيت إلا حصير، و هو جالسعليه، و مصحف يقرأ فيه، و جراب فيه علمه، ومطهرة يتوضأ منها، فبينا أنا عنده إذ دقداق الباب، فإذا هو محمد بن سليمان، فأذنله، فدخل و جلس بين يديه، ثم قال له مالىإذا رأيتك امتلأت منك رعبا؟ قال حماد،لأنه قال عليه السلام[1] «إنّ العالم إذاأراد بعلمه وجه الله هابه كلّ شيء، و إنأراد أن يكنز به الكنوز هاب من كلّ شيء»ثم عرض عليه أربعين ألف درهم، و قال:تأخذها و تستعين بها، قال ارددها على منظلمته بها. قال و الله ما أعطيتك إلا مماورثته. قال لا حاجة لي بها. قال فتأخذهافتقسمها. قال: لعليّ إن عدلت في قسمتهاأخاف أن يقول بعض من لم يرزق منها إنه لميعدل في قسمتها، فيأثم، فازوها عنى
الحالة الثالثة: أن يعتزلهم،
فلا يراهم و لا يرونه، و هو الواجب. إذ لاسلامة إلا فيه فعليه أن يعتقد بغضهم علىظلمهم، و لا يحب بقاءهم، و لا يثنى عليهم،و لا يستخبر عن أحوالهم، و لا يتقرب إلىالمتصلين بهم، و لا يتأسف على ما يفوت بسببمفارقتهم، و ذلك إذا خطر بباله أمرهم. و إنغفل عنهم فهو الأحسن. و إذا خطر ببالهتنعمهم، فليذكر ما قاله حاتم الأصم: إنمابيني و بين الملوك يوم واحد، فأما أمس فلايجدون لذته، و إنى و إياهم في غد لعلى و جل،و إنما هو اليوم، و ما عسى أن يكون فياليوم. و ما قاله أبو الدرداء إذ قال: أهلالأموال يأكلون و نأكل، و يشربون و نشرب، ويلبسون و نلبس، و لهم فضول أموال ينظرونإليها و ننظر معهم إليها، و عليهم حسابها ونحن منها برآء.
[1] حديث حماد بن سلمة مرفوعا ان العالم إذاأراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء و إذاأراد أن يكنز به الكنوز هاب من كل شيء:هذا معضل و روى أبو الشيخ ابن حبان في كتابالثواب من حديث وائلة بن الأسقع من خافالله خوف الله منه كل شيء و من لم يخفالله خوفه الله من كل شيء و للعقيلى فيالضعفاء نحوه من حديث أبي هريرة و كلاهمامنكر