لا يحصر من الجانبين أو من أحدهما، أوبعدد محصور فإن اختلط بمحصور، فلا يخلوإما أن يكون اختلاط امتزاج، بحيث لا يتميزبالإشارة، كاختلاط المائعات، أو يكوناختلاط استبهام مع التميز للأعيان،كاختلاط الأعبد و الدور و الأفراس. و الذييختلط بالاستبهام فلا يخلو إما أن يكونمما يقصد عينه كالعروض، أو لا يقصدكالنقود.
فيخرج من هذا التقسيم ثلاثة أقسام
القسم الأول: أن تستبهم العين بعدد محصور.
كما لو اختلطت الميتة بمذكاة أو بعشرمذكيات أو اختلطت رضيعة بعشر نسوة، أويتزوج إحدى الأختين ثم تلتبس، فهذه شبهةيجب اجتنابها بالإجماع، لانه لا مجالللاجتهاد و العلامات في هذا. و إذا اختلطتبعدد محصور صارت الجملة كالشيء الواحد،فتقابل فيه يقين التحريم و التحليل. و لافرق في هذا بين أن يثبت حل فيطرأ اختلاطبمحرم كما لو أوقع الطلاق على إحدى زوجتينفي مسألة الطائر أو يختلط قبل الاستحلال،كما لو اختلطت رضيعة بأجنبية، فأراداستحلال واحدة. و هذا قد يشكل في طريانالتحريم، كطلاق إحدى الزوجتين لما سبق منالاستصحاب.
و قد نبهنا على وجه الجواب، و هو أن يقينالتحريم قابل يقين الحل، فضعف الاستصحاب وجانب الخطر أغلب في نظر الشرع، فلذلك ترجح.و هذا إذا اختلط حلال محصور.
بحرام محصور. فان اختلط حلال محصور بحرامغير محصور، فلا يخفى أن وجوب الاجتنابأولى
القسم الثاني: حرام محصور بحلال غيرمحصور.
كما لو اختلطت رضيعة أو عشر رضائع بنسوةبلد كبير. فلا يلزم بهذا اجتناب نكاح نساءأهل البلد، بل له أن ينكح من شاء منهن. وهذا لا يجوز أن يعلل بكثرة الحلال، إذ يلزمعليه أن يجوز النكاح إذا اختلطت واحدةحرام بتسع حلال، و لا قائل به. بل العلةالغلبة و الحاجة جميعا. إذ كل من ضاع لهرضيع أو قريب، أو محرم بمصاهرة أو سبب منالأسباب، فلا يمكن أن يسد عليه باب النكاح.و كذلك من علم أن مال الدنيا خالطه حرامقطعا، لا يلزمه ترك الشراء و الأكل فإن ذلكحرج، و ما في الدين من حرج. و يعلم هذا بأنهلما سرق في زمان رسول الله صلّى الله عليهوسلّم مجن[1]، و غل[2] واحد في الغنيمةعباءة، لم يمتنع أحد من شراء المجان والعباء
[1] حديث سرقة المجن في زمان رسول الله صلّىالله عليه وسلّم: متفق عليه ابن عمر أنرسول الله صلّى الله عليه وسلّم قطع سارقافي مجن قيمته ثلاثة دراهم
[2] حديث غل واحد من الغنائم عباءة: البخاريمن حديث عبد الله بن عمر و اسم الغال كركرة