إلى من ظلمك، و بالرضا حتى لا تستكثر مننفسك الفضل، و لا من أخيك التقصير.
و من آثار الصدق و الإخلاص و تمام الوفاء،أن تكون شديد الجزع من المفارقة، نفورالطبع عن أسبابها، كما قيل:
وجدت مصيبات الزمان جميعها
سوى فرقةالأحباب هينة الخطب
سوى فرقةالأحباب هينة الخطب
سوى فرقةالأحباب هينة الخطب
و أنشد ابن عيينة هذا البيت و قال: لقدعهدت أقواما فارقتهم منذ ثلاثين سنة، مايخيل إليّ أن حسرتهم ذهبت من قلبي و منالوفاء أن لا يسمع بلاغات الناس علىصديقه، لا سيما من يظهر أوّلا أنه محبلصديقه كيلا يتهم، ثم يلقى الكلام عرضا، وينقل عن الصديق ما يوغر القلب، فذلك مندقائق الحيل في التضريب. و من لم يحترز منهلم تدم مودته أصلا. قال واحد لحكيم: قد جئتخاطبا لمودتك. قال ان جعلت مهرها ثلاثافعلت. قال و ما هي؟ قال لا تسمع علىّ بلاغة،و لا تخالفني في أمر، و لا توطئنى عشوة و منالوفاء أن لا يصادق عدوّ صديقه. قالالشافعي رحمه الله. إذا أطاع صديقك عدوّكفقد اشتركا في عداوتك
الحق الثامن التخفيف و ترك التكلف والتكليف.
و ذلك بأن لا يكلف أخاه ما يشق عليه، بليروح سره من مهماته و حاجاته، و يرفهه عنأن يحمله شيئا من أعبائه، فلا يستمد منه منجاه و مال، و لا يكلفه التواضع له، والتفقد لأحواله، و القيام بحقوقه. بل لايقصد بمحبته إلا الله تعالى، تبركابدعائه، و استئناسا بلقائه، و استعانة بهعلى دينه، و تقربا إلى الله تعالى بالقيامبحقوقه، و تحمل مئونته. قال بعضهم: مناقتضى من إخوانه ما لا يقتضونه فقد ظلمهم ومن اقتضى منهم مثل ما يقتضونه فقد أتعبهم.و من لم يقتض فهو المتفضل عليهم. و قال بعضالحكماء: من جعل نفسه عند الإخوان فوق قدرهأثم و أثموا. و من جعل نفسه في قدره تعب وأتعبهم. و من جعلها دون قدره سلم و سلموا
و تمام التخفيف، بطيّ بساط التكليف،
حتى لا يستحى منه فيما لا يستحى من نفسه