(كتاب آداب الألفة و الأخوة و الصّحبة والمعاشرة مع أصناف الخلق) و هو الكتابالخامس من ربع العادات الثاني (بسم اللهالرحمن الرحيم) الحمد للَّه الذي غمر صفوةعباده بلطائف التخصيص طولا و امتنانا، وألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا، ونزع الغل من صدورهم فظلوا في الدنياأصدقاء و أخدانا، و في الآخرة رفقاء وخلانا، و الصلاة على محمد المصطفى، و علىآله و أصحابه الذين اتبعوه و اقتدوا بهقولا و فعلا و عدلا و إحسانا أما بعد: فإنالتحاب في الله تعالى، و الأخوة في دينه منأفضل القربات، و ألطف ما يستفاد منالطاعات في مجاري العادات. و لها شروط بهايلتحق المتصاحبون بالمتحابين في اللهتعالى، و فيها حقوق بمراعاتها تصفو الأخوةعن شوائب الكدورات و نزغات الشيطانفبالقيام بحقوقها يتقرب إلى الله زلفي، وبالمحافظة عليها تنال الدرجات العلى. ونحن نبين مقاصد هذا الكتاب في ثلاثة أبواب:
الباب الأول: في فضيلة الألفة و الأخوة فيالله تعالى، و شروطها و درجاتها و فوائدهاالباب الثاني: في حقوق الصحبة و آدابها وحقيقتها و لوازمها الباب الثالث: في حقالمسلم و الرحم و الجوار و الملك و كيفيةالمعاشرة مع من قد بلي بهذه الأسباب
الباب الأوّل (في فضيلة الألفة و الأخوة وفي شروطها و درجاتها و فوائدها)
فضيلة الألفة و الاخوة
اعلم أن الألفة ثمرة حسن الخلق، و التفرقثمرة سوء الخلق. فحسن الخلق يوجب التحاب والتآلف و التوافق، و سوء الخلق يثمرالتباغض و التحاسد و التدابر. و مهما كانالمثمر