المثار الثاني ما يستند الشك فيه إلى سببفي المال لا في حال المالك
و ذلك بأن يختلط الحلال بالحرام. كما إذاطرح في سوق أحمال من طعام غصب، و اشتراهاأهل السوق، فليس يجب على من يشترى في تلكالبلدة و ذلك السوق أن يسأل عما يشتريه إلاأن يظهر أن أكثر ما في أيديهم حرام، فعندذلك يجب السؤال. فإن لم يكن هو الأكثر،فالتفتيش من الورع، و ليس بواجب. و السوقالكبير حكمه حكم بلد. و الدليل على أنه لايجب السؤال و التفتيش إذا لم يكن الأغلبالحرام، أن الصحابة رضى الله عنهم لميمتنعوا من الشراء من الأسواق، و فيهادراهم الربا و غلول الغنيمة و غيرها. وكانوا لا يسألون في كل عقد. و إنما السؤالنقل عن آحادهم نادرا في بعض الأحوال، و هيمحال الريبة في حق ذلك الشخص المعين. وكذلك كانوا يأخذون الغنائم من الكفارالذين كانوا قد قاتلوا المسلمين، و ربماأخذوا أموالهم، و احتمل أن يكون في تلكالغنائم شيء مما أخذوه من المسلمين. وذلك لا يحل أخذه مجانا بالاتفاق، بل يردعلى صاحبه عند الشافعي رحمه الله، و صاحبهأولى به بالثمن عند أبي حنيفة رحمه الله. ولم ينقل قط التفتيش عن هذا و كتب عمر رضىالله عنه إلى أذربيجان، أنكم في بلاد تذبحفيها الميتة، فانظروا ذكيّه من ميته. أذنفي السؤال و أمر به، و لم يأمر بالسؤال عنالدراهم التي هي أثمانها، لأن أكثردراهمهم لم تكن أثمان الجلود، و إن كانت هيأيضا تباع. و أكثر الجلود كان كذلك و كذلكقال ابن مسعود رضى الله عنه إنكم في بلادأكثر قصابيها المجوس. فانظروا الذكي منالميتة. فخص بالأكثر الأمر بالسؤال. و لايتضح مقصود هذا الباب إلا بذكر صور، و فرضمسائل يكثر وقوعها في العادات، فلنفرضها
مسألة:
شخص معين خالط ماله الحرام، مثل أن يباععلى دكان طعام مغصوب أو مال منهوب و مثل أنيكون القاضي أو الرئيس أو العامل أوالفقيه، الذي له إدرار على سلطان ظالم، لهأيضا مال موروث و دهقنة أو تجارة. أو رجلتاجر يعامل بمعاملات صحيحة و يربى أيضا،فإن كان الأكثر من ماله حراما لا يجوزالأكل من ضيافته، و لا قبول هديته و لاصدقته إلا بعد التفتيش