مع الرکب الحسینی من المدینة الی المدینة جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مع الرکب الحسینی من المدینة الی المدینة - جلد 2

نجم الدین طبسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
وفي رواية أخرى: «وتقدّم عبدالله بن وأل فأخذ الراية، وقاتل حتى قُطعت يده اليسرى، ثمّ استند إلى أصحابه ويده تشخب دماً، ثم كرّ عليهم وهو يقول:






  • نفسي فداكم اذكروا الميثاقا
    لاكوفة نبغي ولا عراقا
    لابل نريد الموت والعتاقا



  • وصابروهم واحذروا النفاقا
    لابل نريد الموت والعتاقا
    لابل نريد الموت والعتاقا



وقاتل حتى قُتل.» (البحار 45:



362)


وأمروهما بالنجاء، فخرجا مسرعين حتى قدما على الحسين(عليه السلام) بمكّة لعشر مضين من شهر رمضان.».(1)
وقال ابن كثير: «فكان أوّل من قدم عليه عبدالله بن سبع الهمداني، وعبدالله إبن وال، ومعهما كتاب فيه السلام والتهنئة بموت معاوية..».(2)









(1) الإرشاد: 202 وتأريخ الطبري: 3:277.
(2) البداية والنهاية 7:154.






[336]



وروى ابن الجوزي عن الواقدي صيغة أخرى للرسالة الأولى التي بعث بها أهل الكوفة ـ ولعلّها رسالة أخرى ـ قائلاً: «ولمّا استقرّ الحسين بمكّة، وعلم به أهل الكوفة كتبوا إليه يقولون: إنّا قد حبسنا أنفسنا عليك! ولسنا نحضر الصلاة مع الولاة، فاقدم علينا فنحن في مائة ألف! وقد فشا فينا الجور، وعُمل فينا بغير كتاب اللّه وسنّة نبيّه، ونرجوا أن يجمعنا الله بك على الحقّ، وينفي عنّا بك الظلم، فأنت أحقّ بهذا الأمر من يزيد وأبيه الذي غصب الأمّة فيئها، وشرب الخمر ولعب بالقرود والطنابير، وتلاعب بالدين.
وكان ممّن كتب إليه سليمان بن صُرد والمسيّب بن نجبة ووجوه أهل الكوفة.».(1)









(1) تذكرة الخواص: 215 / ويحسن هنا أن نذكّر أنّ تعاطي معاوية الخمر ولعبه بالقرود والطنابير، وتلاعبه بالدين أمرٌ مفروغ منه ومسلّم به تأريخياً وقد صرّح بذلك أحمد في مسنده 5:347، وابن عساكر في تأريخه 7:211، وورد ذلك أيضاً في أُسد الغابة 3:299، وتأريخ بغداد 7:213، وقد جمعها العلامة الأمينى في الغدير 10:183، ومعاوية هو الذي وصفه عليٌّ(عليه السلام) بأنّه «ظاهر غيّه ومهتوك ستره» وقد علّق ابن ابي الحديد على هذا الوصف قائلاً: «فأمّا قوله في معاوية: ظاهرٌ غيّه فلا ريب في ظهور ضلاله وبغيه،



وكلّ باغ غاو، وأمّا «مهتوك ستره» فإنه كان كثير الهزل والخلاعة، صاحب جلساء وسُمّار، ومعاوية لم يتوقّر ولم يلزم قانون الرياسة إلاّ منذ خرج على أمير المؤمنين واحتاج إلى الناموس والسكينة، وإلاّ فقد كان في أيّام عثمان شديد الهتك، موسوماً بكلّ قبيح وكان في أيّام عمر يستر نفسه قليلاً خوفاً منه، إلاّ أنه كان يلبس الحرير والديباج وكان حينئذ شابّاً وعنده نزق الصبا وأثر الشبيبة وسكر السلطان والإمرة.
ونقل الناس عنه في كتب السيرة أنه كان يشرب الخمر في أيّام عثمان في الشام، وأمّا بعد وفاة أمير المؤمنين واستقرار الأمر له فقد اختلف فيه، فقيل إنه شرب الخمر في ستر، وقيل إنه لم يشرب!، ولا خلاف في أنه سمع الغناء وطرب عليه، وأعطى ووصل عليه!» (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16:



160)، إذن فمعاوية في تهتّكه وفسقه ليس بأقل من ابنه يزيد شهرة وافتضاحاً.






[337]



إشارة:
لايخفى على المتأمّل في محتوى الرسائل التي بعث بها أهل الكوفة إلى الإمام(عليه السلام)، وفي تعبير ابن كثير «ومعهما كتاب فيه السلام والتهنئة بموت معاوية» أنّ جوّاً نفسياً طافحاً بالإبتهاج والفرحة عمَّ الشيعة في الكوفة لموت معاوية، الذي كان قد أذاقهم الويلات في جميع جوانب حياتهم، وجثم على صدورهم سنين عجاف طويلة مريرة يخنق أنفاسهم ويحصيها عليهم، ويرصد الشاردة والواردة من حركاتهم، ويجرّعهم مرارة الفقر وعذاب مكابدة حروبه في الداخل والخارج، وكان يُضاعف في فظاعة هذا الكابوس، وفي شوقهم إلى يوم الخلاص منه، أنّهم كانوا كلّما كاتبوا الإمام(عليه السلام) يدعونه إلى القيام والنهضة ردّ عليهم يوصيهم ـ لحكمته البالغة ـ بالتزام الصبر ومواصلة الإنتظار مادام معاوية حيّاً،



فلمّا مات معاوية شعر أهل الكوفة وكأنهم أُطلقوا من عقال، وأفاقوا وقد تحرّرت ألسنتهم وأيديهم بعد أن زال عنهم ذلك الكابوس المطبق، فتباشروا فرحاً وتبادلوا التهاني والسرور بموت الطاغية، وأعينهم كقلوبهم تنظر بلهفة إلى ماذا سيفعل الإمام(عليه السلام)منتظرة إشارته.
لكنّ الصادقين منهم قليل، إذ كان الشلل النفسي ومرض إزدواج الشخصية وحبّ الدنيا وكراهية الموت قد تفشى في حياة هذه الأمة، وكان بدء نشوئه في السقيفة وتعاظم فيما بعدها، حتى نُكِسَ جُلُّ الناس على رؤوسهم، فصارت قلوبهم مع الإمام(عليه السلام) وسيوفهم عليه، فكان انقلابهم وتخاذلهم عن مواصلة النهضة مع مسلم بن عقيل(عليه السلام)، ذلك الإنقلاب الذي يحارفيه المتأمل المتدبّر ويذهل من سهولة وسرعة وقوعه! ثمَّ كانت نكسة هذه الأمّة الكبرى بقتلها الإمام(عليه السلام) في عاشوراء.






[338]





دفعة أخرى من الرُسُل والرسائل !



قال الشيخ المفيد (ره): «ولبث أهل الكوفة يومين بعد تسريحهم بالكتاب، وأنفذوا قيس بن مسهّر الصيداوي، وعبدالله وعبدالرحمن ابني شدّاد الأرحبي، وعمارة بن عبدالله السلولي، إلى الحسين(عليه السلام)، ومعهم نحو مائة وخمسين صحيفة، من الرجل، والإثنين، والأربعة...».(1)



ثمّ دفعة أخرى !



قال الشيخ المفيد (ره) أيضاً: «ثمَّ لبثوا يومين آخرين وسرّحوا إليه هاني بن هاني السبيعي(2) وسعيد بن عبدالله الحنفي،(3) وكتبوا إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم. للحسين بن عليّ(عليهما السلام) من شيعته من المؤمنين والمسلمين: أمّا بعدُ، فحيَّ هلاّ فإنّ الناس ينتظرونك، ولا رأي لهم في غيرك، فالعجل العجل، ثمّ العجل العجل، والسلام.».(4)
ثمّ ما برحت الرسائل تترى على الإمام(عليه السلام) من أهل الكوفة «يسألونه القدوم عليهم، وهو مع ذلك يتأنّى ولايجيبهم، فورد عليه في يوم واحد ستمائة كتاب، وتواترت الكتب حتى اجتمع عنده منها في نُوَب متفرّقة إثنى عشر ألف كتاب.».(5)









(1) الإرشاد: 203 / وقد مضت ترجمة قيس في ص69 ـ 73، ومضى الكلام حول ابني الأرحبي وكذلك السلولي في ص42، فراجع.
(2) هاني بن هاني السبيعي: مضى الكلام حوله في الفصل الأوّل ص40.
(3) سعيد بن عبدالله الحنفي: مضت ترجمته في الفصل الأول ص41.
(4) الإرشاد: 203 والبداية والنهاية 8:154 مع تفاوت يسير في الأسماء، وتاريخ اليعقوبي 2:241.
(5) اللهوف: 105 / ويحسن أن نذكر هنا أنّ صاحب كتاب (تذكرة الشهداء) كان قد نقل في ص64 منه عن مقتل الإسفراييني رسالة من أهل الكوفة الى الإمام الحسين(عليه السلام)، يشكون إليه فيها جور يزيد! وتجبّره على سائر البلاد! كما يشكون إليه عبيد الله بن زياد! وأنه أظلم وأطغى! وبدعونه الى القدوم عليهم، وأنّه أحقّ من يزيد وأبيه بالخلافة.



ويُلاحظ على نصّ هذه الرسالة ركّة تعابيرها حتّى ليشكّ القارىء أنّها من إنشاء إنسان لايحسن العربية تماماً في أيّامنا هذه!!
كما يُلاحظ أنّ محتواها مخالف لحقائق التأريخ، لأنّهم يشكون فيها جور يزيد وتجبّره، ولم يكن ليزيد والإمام(عليه السلام) في مكّة إلاّ أشهر قليلة في الحكم، ولم تتغير الأحوال على أهل الكوفة في هذه الأشهر شيئاً ما يُذكر، بل العكس ربما كان صحيحاً لأنّ الوالي عليهم آنذاك النعمان بن بشير كانت قبضته قد تراخت عليهم بعد موت معاوية وأظهر ضعفاً واضحاً في إدارة أمورهم. هذا فضلاً عن أنّ ابن زياد لم يأت الكوفة إلا بعد فترة من دخول مسلم بن عقيل(عليه السلام) الى الكوفة لتعبئة أهلها.
والغريب في رواية هذه الرسالة، أنها تحكي أنّ الإمام(عليه السلام) بعد أن قرأ الكتاب رماه من يده وطرد الرسول!



ولا ريب أنّ هذا ليس من أخلاق الامام(عليه السلام)، فلم يرو التأريخ أنّ الامام(عليه السلام) ألقى بكتاب أرسل إليه ولم يردّ عليه إلاّ كتاب ابن زياد الذي دعاه فيه إلى النزول لحكمه وأمره فيه!
هذا، ويحسن هنا أيضاً أن نذكر أنّ الحائري في كتابه (معالي السبطين 1:



140) قد نقل عن كتاب (التبر المُذاب في المواعظ) للسيّد عبدالفتاح بن ضياء الدين الأصفهاني (راجع: الذريعة 3:



372) نصَّ رسالة من أهل الكوفة الى الإمام الحسين(عليه السلام) ـ ولعلّ النقل بالمعنى ـ قال: «كثرت عليه الكتب وتواترت عليه الرسل، وكتبوا إليه: إنّك إن لم تصلْ إلينا فأنتَ آثمٌ!!لوجود الأنصار على الحقّ وتمكّنك من القيام به، فإنّك أصله وعموده وأهله ومعدنه!».
ولايخفى على المتأمّل البصير ما في نصّ هذه الرسالة المدّعاة من تهافت!



إذ كيف يأثم من هو أصل الحقّ وعموده وأهله ومعدنه!؟ وهل يمكن لأحد من أهل الكوفة يؤمن ـ على الأقلّ ـ بأحقيّة الإمام(عليه السلام) بالخلافة، أو يؤمن بأنّه الإمام المفترض الطاعة، أن يتجاسر مثل هذه الجسارة فيحكم عليه بالإثم إنْ لم يأتِ الكوفة!؟
نعم، ربّما يُحتمل أن تكون هذه الرسالة من إنشاء واحد أو أكثر من منافقي أهل الكوفة، غير أنّ من البعيد ان يوفّق المنافق إلى مثل هذا التعبير: فإنّك أصله ـ أي الحقّ ـ وعموده وأهله ومعدنه! أو لعلّها من إنشاء جاهل بمقام الإمام(عليه السلام) وموقفه. والله العالم.






[339]






[340]



ولقد روى السيّد ابن طاووس (ره) نفس الرسالة التي حملها الى الإمام(عليه السلام)هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبدالله الحنفي، ولكن بتفاوت وإضافة مفصّلة، ويرى السيّد (ره) أنّ هذه الرسالة كانت آخر ما ورد على الإمام(عليه السلام) من أهل الكوفة، ولعلَّ من الأفضل أن ننقل متن هذه الرسالة أيضاً كما رواها السيد ابن طاووس (ره)، وهي:
«بسم الله الرحمن الرحيم. للحسين بن عليّ أمير المؤمنين(عليه السلام) من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين(عليه السلام). أمّا بعد: فإنّ الناس ينتظرونك، لا رأي لهم غيرك، فالعجل العجل يا ابن رسول الله، فقد اخضّرت الجنّات، وأينعت الثمار، وأعشبت الأرض، وأورقت الأشجار، فاقدم علينا إذا شئت، فإنّما تقدم على جُند مجنّدة لك، والسلام عليك ورحمة الله وعلى أبيك من قبلك.».(1)



دور المنافقين في موجة الرسائل:



ركب المنافقون والذين في قلوبهم مرض موجة الرسائل التي بعث بها أهل الكوفة إلى الإمام(عليه السلام)، فشاركوا فيها، أو كتبوا إليه مستقلّين عن غيرهم يدعونه أيضاً الى القدوم عليهم مدّعين الطاعة له والإستعداد لنصرته!
روى السيّد ابن طاووس (ره) أنّ الإمام(عليه السلام) بعد أن قرأ الكتاب الذي حمله إليه هاني بن هاني وسعيد الحنفي سألهما قائلاً:









(1) اللهوف: 106.






[341]



«خبّراني من اجتمع على هذا الكتاب الذي كُتب به إليّ معكما؟»
فقالا: يا ابن رسول الله، شبث بن ربعي، وحجّار بن أبجر، ويزيد بن الحارث، ويزيد بن رويم، وعروة بن قيس، وعمرو بن الحجّاج، ومحمّد بن عمير بن عطارد!».(1)
لكنّ الشيخ المفيد (ره) ذكر أنّ هؤلاء ـ المنافقين ـ كتبوا إلى الإمام(عليه السلام) رسالة مستقلّة عن رسائل غيرهم، فقال: «ثمّ كتب شبث بن ربعي،(2) وحجّار بن أبجر،(3)









(1) اللهوف: 107 / وفي نقل الطبري: يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم، وفيه أيضاً: عزرة بن قيس بدلاً من عروة بن قيس (تأريخ الطبري 3:278 / طبعة دار الكتب العلمية ـ بيروت)، أمّا في كتاب الإرشاد:203 ففيه: يزيد بن الحارث بن رويم.
(2) شبث بن ربعي التميمي: كان مؤذّن سجاح التي أدّعت النبّوة (الطبري 2:



268)، ثمّ أسلم، وكان فيمن أعان على عثمان، ثم صار مع عليّ فهدم بأمره دار حنظلة بن الربيع، وله موقف من معاوية، ثمّ صار من الخوارج ثمّ تاب، ثمّ حضر قتل الحسين، ثم كان ممّن يطلب دم الحسين مع المختار!! وكان على شرطته!!، ثم حضر قتل المختار، ومات بالكوفة حدود الثمانين. (راجع: تقريب التهذيب 1:



344).
وما زعمه العسقلاني من أنّ شبث بن ربعي ممن طلب دم الحسين مع المختار



وكان على شرطته شاذٌّ وغريب جدّاً، وقد تفرّد بهذا الزعم الذي لم يقل به غيره! والمعروف المشهور أنّ المختار (ره) لم يستعن بأحد ممّن شارك في قتل الحسين(عليه السلام)، بل طاردهم جميعاً فلم ينجُ من سيفه وعذابه إلاّ أقلّ القليل، نعم لقد استعان بقياداتهم عبدالله بن الزبير! ولذا استغرب الرجاليُّ المحقّق التستري من زعم العسقلاني فقال: «وما عن التقريب في كونه ممّن أعان على عثمان، وفي شرطة المختار لم أتحققه!» (قاموس الرجال :



390).
وشبث من أصحاب المساجد الأربعة الملعونة التي جُدّدت بالكوفة فرحاً واستبشاراً بقتل الحسين(عليه السلام) مع أنه كان قد حضر صفين في صف عليّ(عليه السلام) (راجع: قاموس الرجال 5:388 والكافي 3:490 والتهذيب 3:250 وتاريخ خليفة بن خياط:115 وسير أعلام النبلاء 4:150 ووقعة صفين: 199 ـ



205).



والغريب أنّ ابن حبّان أورده في كتابه (الثقات 4:



371) وقال: ويُخطيء! وأورده المزّي في كتابه (تهذيب الكمال 8:



266) ولم يطعن فيه!
(3) حجّار بن أبجر: أو بن أبحر العجلي السلمي، وهو ممّن كتب الى الحسين(عليه السلام) ثم صار إلى ابن زياد، فبعثه ليخذّل الناس عن مسلم بن عقيل(عليه السلام)، ثمّ انضمّ إلى الجيش الأموي بقيادة ابن سعد لقتال الحسين(عليه السلام)، ثمَّ صار من جند عبدالله بن مطيع العدوي لقتال المختار، وكان أبوه نصرانيّاً! وكان هو ممّن شهد على حُجر بن عدي (رض)، ورفع راية الأمان لإبنه يوم خروج مسلم، وأنكر كتابه للإمام يوم عاشوراء، ثمّ حارب المختار، ثمّ حارب عبدالله بن الحرّ لمصعب فانهزم أمامه، فشتمه مصعب وردّه، ثمّ كان فيمن كتب إليهم عبدالملك بن مروان من أهل الكوفة فشرطوا عليه ولاية اصبهان، فأنعم بها لهم كلّهم!، ولكنه كان قد خرج مع مصعب متظاهراً بقتال عبدالملك... وكان حيّاً إلى سنة 71 هـ ثم لم يُعلم اثره (راجع: مستدركات علم الرجال 2:310 ووقعة الطفّ



94).






[342]



ويزيد بن الحارث بن رويم،(1) وعروة بن قيس،(2) وعمرو بن الحجّاج الزبيدي،(3)









(1) يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم: ابو حوشب الشيباني، أنكر كتابه يوم عاشوراء، فلمّا هلك يزيد، وخلّف عبيد الله بن زياد على الكوفة عمرو بن حُريث، فدعا إلى بيعة ابن زياد، قام يزيد بن الحارث هذا فقال: الحمدُ لله الذي أراحنا من ابن سميّة، لا ولاكرامة! فأمر به عمرو بن حريث أن يسجن فحالت بنو بكر دون ذلك، ثمّ صار من أصحاب الخطمي الأنصاري لابن الزبير، فكان يحثّه على قتال سليمان بن صرد وأصحابه قبل خروجهم! ثمّ كان يحثّه على حبس المختار! ثم بعثه ابن مطيع إلى جبّانة مراد لقتال المختار، ووضع رامية على أفواه السكك فوق البيوت فمنع المختار من دخول الكوفة، ثُمَّ ثار على المختار في إمارته ببني ربيعة فانهزم بأصحابه... ثمّ أمرّه مصعب على المدائن، ثمّ ولي الريّ لعبد الملك بن مروان، فقتله الخوارج (راجع: الطبري 3:443 وو506 ووقعة الطف:



94).
(2)



عزرة بن قيس الأحمسي: كان من الشهود على حُجر، ولهذا كتب الى الامام(عليه السلام) ليكفّر عن ذلك، ولقد استحيى أن يأتي الإمام(عليه السلام) من قبل عمر بن سعد ليسأله ما الذي جاء به!، ولقد أجابه زهير بن القين عشيّة التاسع من المحرّم يُعرّض به: أما والله ما كتبتُ إليه كتاباً قطّ، ولا أرسلتُ إليه رسولاً قطّ، ولا وعدته نصرتي قطّ.
وكان عزرة عثمانياً، وجعله ابن سعد على الخيل يوم عاشوراء، وكان يحرسهم بالليل، وكان فيمن حمل الرؤوس الى ابن زياد. (راجع: وقعة صفين:



95).
وقد ورد ذكره في (الإرشاد:



203)



وفي (الفتوح 5:



34) بإسم عروة بدلاً من عزرة لكنّ (تأريخ الطبري 3:



278) ذكره بإسم عزرة، وكذلك (أنساب الأشراف 3:



158)، وكذلك أورده ابن عدي في (الضعفاء 5:



377)، والذهبي في (ميزان الإعتدال 3:



65)، والمزيّ في (تهذيب الكمال 13:



34). فالظاهر أنّ إسم هذا الرجل هو عزرة، ولعلّ عروة تصحيف لذلك الإسم.
(3) عمرو بن الحجّاج الزبيدي: وهو من الذين شهدوا زوراً وكذباً على حُجر بن عدي (رض) بالكفر بالله، وهو ممن كتبوا الى الامام(عليه السلام) يدعونه الى القدوم الى الكوفة، وهو الذي هدّأ حركة قبيلة مذحج بأسلوب مريب وأرجعهم عن قصر ابن زياد حينما أتوا لإسنتقاذ هاني بن عروة، وهو الذي بعثه عمر بن سعد في خمسمائة فارس على المشرعة وحالوا بين الإمام الحسين(عليه السلام)



وأصحابه وعيالاته وبين الماء، وكان مع ابن مطيع ضد المختار، ولما غلب المختار هرب عمرو فأخذ طريق شراف وواقصة فلم يُعلم له أثر بعد ذلك. (راجع: تأريخ الطبري 3:277 و278 و286 و311 و445 و



459). وكان على ميمنة ابن سعد يوم عاشوراء، وحمل على ميمنة أصحاب الامام(عليه السلام) بمن معه، وهو الذي اقترح أن يُرمى الإمام(عليه السلام) وأنصاره بالحجارة بدل المبارزة! وهو الذي كان يحرّض عساكر أهل الكوفة على الامام(عليه السلام) وانصاره قائلاً: يا أهل الكوفة إلزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الامام!! فقال الحسين(عليه السلام): يا ابن الحجّاج! أعليَّ تحرّض الناس!؟ أنحن مرقنا من الدين وأنتم ثبتُّم عليه!؟ والله لتعلمنّ أيُّنا المارق من الدين، ومن هو أولى بصَلْي النار!.



وكان عمرو ممن حمل الرؤوس من كربلاء الى الكوفة. (راجع: البحار 45:13 و19 و



107).
وكانت رويحة بنت عمرو بن الحجّاج هذا زوجة لهاني بن عروة (رض) وهي أمّ يحيى بن هاني، وكان هاني بن عروة (رض) قد انقطع عن زيارة قصر ابن زياد وحضور مجلسه ـ بعد أن نزل مسلم بن عقيل(عليه السلام) عنده ـ بدعوى أنّه مريض، فأرسل ابن زياد إليه عمرو بن الحجّاج الزبيدي ومحمد بن الأشعث وأسماء بن خارجه ليأتوا به إليه. (راجع: الارشاد



208).
وذكر النمازي أنّ عمرو هذا من مجاهيل الصحابة، وذكره باسم عمر بدلاً من عمرو (راجع: مستدركات علم الرجال 6:



32).






[343]






[344]



ومحمّد بن عمرو التيمي(1): أمّا بعدُ، فقد اخضّر الجناب، وأينعت الثمار، فإذا شئت فأقبل على جنُد لك مجنّدة.».(2)



التعاطف الكبير مع سفير الحسين(عليهما السلام)



بعد أن عمّت الفرحة الكوفة وشاع أريجُ الإبتهاج فيها لموت معاوية بن أبي سفيان، كان همُّ أكثر أهل الكوفة ـ بعد أن علموا بامتناع الإمام الحسين(عليه السلام) عن مبايعة يزيد وارتحاله الى مكّة المكرّمة ـ استنهاض الإمام(عليه السلام) للقيام ودعوته الى التوجّه إليهم، فكانت رسائلهم الكثيرة إليه.
ولم تزل قلوبهم وأعينهم ترقب الأنباء القادمة إليهم من مكّة، إذ لعلّ طالعاً بالخير يحمل إليهم نبأ البشرى بقدوم الإمام(عليه السلام)، أو قدوم نائب عنه يسبقه إليهم، فلمّا أفاقوا ذات يوم على خبر مجيء مسلم بن عقيل(عليه السلام) إليهم ونزوله دار المختار بين ظهرانيهم سفيراً عن الحسين(عليه السلام)، هبّوا للقائه ولتقديم البيعة









(1) محمد بن عمرو التيمي، أو محمد بن عمير بن عطارد (كما في اللهوف:



107)، أو محمد بن عمير التميمي (كما في تاريخ الطبري 3:



278): وكان أحد أمراء الجند في صفّين مع عليّ(عليه السلام)! (راجع: لسان الميزان 5:



328)، وهو ممّن سعى في دم عمرو بن الحمق الخزاعي (رض) عند زياد حتى لامه على ذلك عمرو بن حريث وزياد (راجع: تاريخ الطبري 3:



225)، وكان ممّن شهد على حُجر بن عدي (رض)، وكان على مضر في محاربة المختار، ثمّ بايع المختار فبعثه والياً على آذربيجان، وكان مع الحارث بن أبي ربيعة والي الكوفة لابن الزبير في قتال الخوارج، وكان ممن كاتبه عبدالملك بن مروان من أهل الكوفة، ثمّ ولاّه همدان، ثمّ رجع الى الكوفة فكان بها في ولاية الحجّاج عام 75 هـ، ثمّ لم يُعلم أثره (راجع: وقعة الطفّ:



95).
(2) الإرشاد: 203.






[345]



للإمام(عليه السلام) على يديه، وكان أقلّ عدد ذكره المؤرّخون لمن بايع مسلماً(عليه السلام) منهم اثني عشر الفاً.
قال ابن عساكر: «كان مسير الحسين بن علي من مكّة الى العراق بعد أن بايع له من أهل الكوفة إثنا عشر ألفاً على يدي مسلم بن عقيل، وكتبوا إليه في القدوم عليهم..».(1)
وقال المحقّق المقرّم (ره): «وأقبلت الشيعة يبايعونه حتى أحصى ديوانه ثمانية عشر ألفاً، وقيل بلغ خمسة وعشرين ألفاً.».(2)
وعن ابن نما (ره): «إنّ أهل الكوفة كتبوا إليه: إنّا معك مائة ألف!، وعن داود بن أبي هند، عن الشعبي قال:



بايع الحسين(عليه السلام) أربعون الفاً من أهل الكوفة على أن يحاربوا من حارب ويسالموا من سالم.».(3)
ولاشكّ أنّ هذا العدد سواء في أقلّ تقدير له أو أعلى تقدير حاك عن انتفاضة شعبية وتحرّك جماهيريّ واسع النطاق تأييداً للإمام(عليه السلام) ورفضاً للحكم الأمويّ، بل يُستفاد من رسالة مسلم بن عقيل(عليه السلام) إلى الإمام(عليه السلام) أنّ الكوفة كلّها كانت مع الإمام(عليه السلام)! فإنَّ نصّ الكتاب: «أمّا بعدُ، فإنّ الرائد لايكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً، فعجِّل الإقبال حين يأتيك كتابي هذا، فإنّ النّاس كلّهم معك! ليس لهم في آل معاوية رأيٌ ولاهوى، والسلام.».(4)









(1) تاريخ دمشق 7:144.
(2) مقتل الحسين(عليه السلام)/ للمقرّم: 148 وانظر: مناقب آل ابي طالب 4:91.
(3) مثير الأحزان: 26.
(4) تاريخ الطبري 3:290.






[346]





الإجتماع الأوّل مع سفير الإمام(عليه السلام)



روى الطبري يقول: «ثم أقبل مسلم حتّى دخل الكوفة،(1) فنزل دار المختار بن أبي عُبيد، وهي التي تُدعى اليوم دار مسلم بن المسيّب، وأقبلت الشيعة تختلف إليه، فلمّا اجتمعت إليه جماعة منهم قرأ عليهم كتاب حسين، فأخذوا يبكون! فقام عابس بن أبي شبيب الشاكري،(2) فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: أمّا بعدُ فإنّي لا أُخبرك عن الناس، ولا أعلم ما في أنفسهم، وما أغرّك منهم! واللّهِ، أحدّثك عمّا أنا موطّن نفسي عليه، واللّه لأُجيبنّكم إذا دعوتم، ولأُقاتلنَّ معكم عدوّكم،



ولأضربنّ بسيفي دونكم حتّى ألقى اللّه، لا أريد بذلك إلاّ ما عند اللّه!
فقام حبيب بن مظاهر الفقعسي فقال: رحمك الله، قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك! ثمّ قال: وأنا والله الذي لا إله إلاّ هو على مثل ما هذا عليه!. ثم قال الحنفيّ مثل ذلك!».(3)
إشارة:
لهذه الرواية تتمة تتحدّث عن جوّ آخر غير الجوّ الحماسيّ الحسيني الذي تجلّى في مقالات ومواقف رجال مؤمنين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، أمثال عابس بن أبي شبيب الشاكري، وحبيب بن مظاهر الأسدي، وسعيد بن عبدالله الحنفي، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
جوّ آخر يُخفي نفسه ـ على استيحاء ـ في الأجواء الحماسية فلا يبين! وإن









(1) ومعه أصحابه الثلاثة: قيس بن مسّهر الصيداوي، وعمارة بن عبيد السلولي وعبدالرحمن بن عبدالله بن الكدن الأرحبي (وقعة الطفّ:



99).
(2) تأتي ترجمة عابس بن أبي شبيب الشاكري(قدس سره) في الملتحقين بالإمام(عليه السلام)في مكّة المكرّمة ص382.
(3) تاريخ الطبري 3:279 / والمراد بالحنفي هنا هو سعيد بن عبدالله (رض).






[347]



كان تأثيره هو التأثير الأقوى والفاعل في تحديد ورسم مواقف أكثر الناس من أهل الكوفة يومذاك، إنه جوّ الشلل النفسي الذي تفشّى في أكثر الناس آنذاك وطغى عليهم حتى تنكّروا لبصائرهم، فاستحبّوا العمى على الهدى، وخالفت أيديهم قلوبهم، فأطاعت سيوفهم من كرهوا! فقتلت أعزَّ من أحبّوا!، وماذاك إلاّ للوهن الذي أصابهم حين كرهوا الموت وأحبّوا الحياة الدنيا، فصاروا من خوف الموت في ذلّ! فازدوجوا وتناقض الظاهر مع الباطن فيهم، وكذلك يستحوذ الشيطان على من يؤثر الدنيا على الآخرة!
يقول الحجّاج بن عليّ ـ الذي يروي عنه أبومخنف قصة هذا الإجتماع ـ : فقلت لمحمّد بن بشر ـ الهمداني الذي كان حاضراً هذا الإجتماع وروى قصّته ـ : فهل كان منك أنت قول؟



/ 31