فدتك نفسي هادياً مهديّا
ثمّ أباك ذا الندى عليّا
ذاك الذي نعرفه الوصيّا
اليوم ألقى جدّك النبيّا
ذاك الذي نعرفه الوصيّا
ذاك الذي نعرفه الوصيّا
فقال له الحسين(عليه السلام): نعم، وأنا ألقاهما على أثرك.
فرجع يُقاتل حتّى قُتل رضي اللّه عنه.(1)
: يزيد بن مغفل الجعفي (رض):
وهو يزيد بن مغفل بن جعف بن سعد العشيرة المذحجي الجعفي، فهو ابن عمّ الحجّاج بن مسروق (رض)، ولقد كان يزيد بن مغفل أحد الشجعان من الشيعة، ومن الشعراء المجيدين، وكان من أصحاب عليّ(عليه السلام)، حارب معه في صفّين، وبعثه إلى حرب الخريّت من الخوارج، فكان على ميمنة معقل بن قيس عندما قتل الخريّت.
وروى عبدالقادر البغدادي صاحب كتاب خزانة الأدب:(2) أنّه كان مع
(1) راجع: إبصار العين: 151 ـ 153.
(2) راجع: خزانة الأدب 2:158.
[388]
الحسين(عليه السلام) في مجيئه من مكّة، وأرسله مع الحجّاج الجعفي الى عبيد الله بن الحرّ الجعفي عند قصر بني مقاتل.
وقال المرزباني في معجم الشعراء: كان من التابعين، وأبوه من الصحابة.(1)
لكنّ المامقاني ذكر «أنّه أدرك النبيّ(صلى الله عليه وآله)، وشهد القادسية في عهد عمر، وكان من أصحاب أمير المؤمنين يوم صفين، ثمّ بعثه في وقعة الخوارج تحت إمارة معقل بن قيس.».(2)
وذكر أهل المقاتل والسير أنّه لمّا التحم القتال في اليوم العاشر إستأذن يزيد بن مغفل الحسين(عليه السلام) في البراز فأذن له، فتقدّم وهو يقول:
أنا يزيد وأنا ابن مغفلِ
أعلو به الهامات وسط القسطل
عن الحسين الماجد المفضّل
وفي يميني نصل سيف منجل
عن الحسين الماجد المفضّل
عن الحسين الماجد المفضّل
ثمّ قاتل حتى قُتل.(3)
إذن فمجموع الأبرار من هذه الأمّة من أهل الكوفة الذين التحقوا بالإمام(عليه السلام)في مكّة ـ على ضوء هذه المتابعة ـ سبعة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
وقد ذكر الشيخ باقر شريف القرشي أنّ الصحابي الجليل أنس بن الحارث الكاهلي (رض) ـ وهو من سكنة الكوفة ـ قد لازم الحسين(عليه السلام) وصحبه من مكّة.(4)ولعلّ الشيخ القرشي عثر على وثيقة تأريخية تقول بذلك، أو لعلَّ هذا من سهو قلمه الشريف، لأنّ الذي عليه أهل السير أنّ أنس بن الحارث الكاهلي قد إلتحق
(1) راجع: إبصار العين: 153.
(2) تنقيح المقال 3:328.
(3) راجع: إبصار العين: 153 ـ 154.
(4) راجع: حياة الإمام الحسين بن علي(عليهم السلام) 3:234.
[389]
بالإمام(عليه السلام) بعد خروجه من مكّة (في العراق)،(1) أو عند نزوله كربلاء.(2)
3) ـ الملتحقون به(عليه السلام) في مكّة من أهل البصرة:
ومن أهل البصرة كوكبة تتألّف من تسعة من أبرار هذه الأمة، كانوا قد التحقوا بالإمام الحسين(عليه السلام) في مكّة المكرّمة، وهم:
: الحجّاج بن بدر التميمي السعدي (رض):
وهو من أهل البصرة، من بني سعد بن تميم، وكان قد حمل رسالة جوابية من يزيد بن مسعود النهشلي (ره)(3)إلى الإمام الحسين(عليه السلام) في مكّة، فلمّا وصل إلى الإمام(عليه السلام) بقي معه حتّى قُتل بين يديه في كربلاء.(4)
قال صاحب الحدائق:(5) قُتل مبارزة بعد الظهر، وقال غيره: قتل في الحملة الأولى قبل الظهر.(6)
: قعنب بن عمر النمري (رض):
«كان قعنب رجلاً بصرياً، من الشيعة الذين بالبصرة، جاء مع الحجّاج السعدي إلى الحسين(عليه السلام)، وانضمّ إليه، وقاتل في الطف
(1) راجع: إبصار العين: 99.
(2) راجع: أُسد الغابة 1:123.
(3) ولم يكن قد حمل رسالة الى الامام(عليه السلام) من مسعود بن عمرو كما قال بذلك المحقق السماوي (ره) في أوّل ترجمته للحجّاج (إبصار العين:
212)، وقد حقّقنا ذلك في حاشية الصفحة: 363 ـ 364، فراجع.
(4) راجع: إبصار العين: 213 - 214.
(5) الحدائق الورديّة: 122.
(6) إبصار العين: 214.
[390]
بين يديه حتّى قُتل. ذكره صاحب الحدائق.(1) وله في القائميات ذكر وسلام(2).».(3)
: يزيد بن ثبيط العبدي وإبناه عبدالله وعبيدالله (رض):
كان يزيد من الشيعة، ومن أصحاب أبي الأسْود الدؤلي، وكان شريفاً في قومه، وكان ممّن حضر المؤتمر السرّي الشيعي في بيت المرأة المؤمنة مارية بنت منقذ العبدية، التي كانت دارها مألفاً ومنتدى للشيعة في البصرة يتحدّثون فيه ويتداولون أخبار حركة الأحداث آنذاك، وقد كان ابن زياد قد بلغه عزم الإمام الحسين(عليه السلام) على التوجّه الى العراق، ومكاتبة أهل الكوفة له، فأمر عمّاله أن يضعوا المراصد ويأخذوا الطريق.
وقد عزم يزيد بن ثبيط (رض) على الخروج الى الإمام(عليه السلام)، وكان له بنون عشرة، فدعاهم إلى الخروج معه.
وقال: أيّكم يخرج معي متقدّماً؟
فانتدب له إثنان هما: عبداللّه، وعبيد اللّه.
فقال لأصحابه في بيت مارية: إني قد أزمعت على الخروج، وأنا خارج، فمن يخرج معي؟
فقالوا له: إنّا نخاف أصحاب ابن زياد!
(1) الحدائق الورديّة: 122.
(2) ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة «السلام على قعنب بن عمر التمري» (الإقبال 3:
78).
(3) إبصار العين: 215 ـ 216.
[391]
فقال: إني واللّه أن لو قد استوت أخفافها بالجُدد(1) لهان عليَّ طلب من طلبني.
ثمّ خرج وإبناه، وصحبه عامر ومولاه، وسيف بن مالك، والأدهم بن أميّة، وقوي في الطريق حتى انتهى الى الحسين(عليه السلام) وهو بالأبطح من مكّة، فاستراح في رحله، ثم خرج الى الإمام الحسين(عليه السلام) الى منزله.
وبلغ الإمام(عليه السلام) مجيئه، فجعل يطلبه حتى جاء إلى رحله، فقيل له: قد خرج إلى منزلك. فجلس في رحله ينتظره!
وأقبل يزيد لمّا لم يجد الإمام الحسين(عليه السلام) في منزله، وسمع أنه ذهب إليه راجعاً على أثره، فلمّا رأى الإمام الحسين(عليه السلام) في رحله قال: (قُل بفضل اللّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، السلام عليك يا ابن رسول اللّه.
ثمّ سلّم عليه، وجلس إليه وأخبره بالذي جاء له، فدعا له الإمام الحسين(عليه السلام)بخير، ثمّ ضمّ رحله إلى رحله، وما زال معه حتّى قُتل بين يديه في الطفّ مبارزة، وقُتل إبناه في الحملة الأولى.
وفي رثائه ورثاء ولديه يقول ولده عامر بن يزيد:
يا فَرْو قومي فاندبي
وابكي الشهيد بعبرة
واِرثِ الحسين مع التفجّع، والتأوّه، والزفير
قتلوا الحرام من الأئمّة في الحرام من الشهور.
خير البريّة في القبور
من فيض دمع ذي درور
قتلوا الحرام من الأئمّة في الحرام من الشهور.
قتلوا الحرام من الأئمّة في الحرام من الشهور.
(1) الجدد: صلب الأرض، وفي المثل: من سلك الجدد أَمِنَ العثار.
[392]
وابكي يزيدَ مُجدَّلاً
متزمّلين، دماؤهم
يا لهف نفسي لم تفز
معهم بجنّات وحورِ(1)
وابنَيْه في حرّ الهجير
تجري على لُبَب النحورِ
معهم بجنّات وحورِ(1)
معهم بجنّات وحورِ(1)
: الأدهم بن أميّة العبدي (رض):
كان الأدهم من الشيعة البصريين الذين يجتمعون في بيت مارية بنت منقذ العبدية (ره)، وكان قد عزم على الخروج إلى الإمام الحسين(عليه السلام) في مكّة مع يزيد بن ثبيط (رض)، فصحبه، وانضمّ إلى الركب الحسيني في مكّة، ثمّ استشهد بين يدي الإمام(عليه السلام) يوم عاشوراء، وقيل: قُتل في الحملة الأولى مع من قُتل من أصحاب الحسين(عليه السلام).(2)
وذهب النمازيّ إلى أنّ الأدهم بن أميّة (رض) كان صحابياً.(3)
: سيف بن مالك العبدي (رض):
كان سيف من الشيعة البصريين الذين كانوا يجتمعون في دار مارية بنت منقذ العبدية (ره)، فخرج مع يزيد بن ثبيط (رض) فيمن خرج معه الى الإمام الحسين(عليه السلام) في مكّة، وانضمّ إليه وما زال معه حتى قُتل بين يديه في كربلاء مبارزة بعد صلاة الظهر.(4)
: عامر بن مسلم العبديّ ومولاه سالم (رض):
كان عامر من الشيعة في البصرة، فخرج هو ومولاه سالم مع يزيد بن ثبيط (رض) فيمن خرج معه إلى الإمام الحسين(عليه السلام) في مكّة المكرّمة، وانضمّا إلى الركب الحسيني في جملة كوكبة الأبرار الذين أتوا مع يزيد بن ثبيط (رض)، ولم يفارقا الإمام(عليه السلام) حتى استشهدا
(1) راجع: إبصار العين: 189 ـ 190.
(2) راجع: إبصار العين: 192.
(3) راجع: مستدركات علم الرجال: 1:533.
(4) راجع: إبصار العين: 192.
[393]
بين يديه في كربلاء يوم عاشوراء، وقيل: قُتلا في الحملة الأولى.(1)
هذا والحمدلله على توفيقه لانجاز هذه السطور المتواضعة من كتاب (الأيام المكية من عُمر النهضة الحسينيّة)، وأنا العبد الخاطيء، الراجي ربه، نجم الدين بن العلامة الفقيه الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي، عفى الله عنه وعن والديه بحرمة السادة أصحاب الكساء.
(1) نفس المصدر: 191.