عسكره، و أخرب أبو عبيد ما كان حولمعسكرهم من كسكر، و جمع الغنائم، و أخذخزائن نرسي. و أقام أبو عبيد، و سرح المثنىإلى باروسما، و بعث والقا إلى الزوابي، وعاصما إلى نهر جوبر، فهزموا من كان تجمع، وأخربوا و سبوا، و كان مما أخرب المثنى وسبى أهل زندورد. و جاءوا إلى أبي عبيدبطعام أكرموه به، فقال: أكرمتم الجند كلهمبمثل هذا؟ قالوا: لا، قال: بئس المرء أبوعبيد، إن صحب قوما فاستأثر عليهم، لا والله لا نأكل إلا مثل ما يأكل أوساطهم.
[وقعة القرقس]
(1) ثم جاء بهمن جاذويه و معه راية كسرى والفيل، فقال لأبي عبيد: إما أن تعبرواإلينا، و إما أن تدعونا نعبر إليكم، فقالالناس: لا تعبر أبا عبيد، فقال: لا يكونواأجرأ على الموت منا، بل نعبر، فعبرواإليهم و اقتتلوا- و أبو عبيد فيما بينالتسعة و العشرة- و كانت الخيول إذا نظرتإلى الفيلة عليها الحلية و الخيل (2) عليهاالتجافيف (3) لم تقدم خيولهم، و إذا حملواعلى المسلمين فرقوهم (4) و رموهم بالنشاب.فترجل أبو عبيد و الناس، ثم قال للناس:أقصدوا الفيلة، و واثب هو الفيل الأبيض،فتعلق ببطانه فقطعه، و فعل القوم مثل ذلك،فما تركوا فيلا إلا حطوا رحله، و قتلواأصحابه، و قتل من المشركين ستة آلاف فيالمعركة، و لم ينتظروا غير الهزيمة، فأهوىأبو عبيد، فنفخ مشفر الفيل بالسيف، فخبطهالفيل.
و كان أبو عبيد لما رأى الفيل، قال: ماهذا؟ و لم يكن رآه قط، فقالوا: هذا الفيل،فارتجز و قال:
يا لك من ذي أربع ما أكبرك.
يا لك من يوموغى ما أمكنك
يا لك من يوموغى ما أمكنك
يا لك من يوموغى ما أمكنك
(1) تاريخ الطبري 3/ 454. و يقال لها: الناطق، والجسر، و المروحة».
(2) في تاريخ الطبري 3/ 456: «عليها النخل والخيل».
(3) التجافيف: من آلات الحرب، يوضع علىالفرس تبقى بها كالدرع للإنسان.
(4) في الأصل: «مزقوهم».