فقال: خذها فلا بأس بذلك إذا لم تطلبه،فأبى، فقال: خذها فإنّي و قد وليت لرسولالله صلّى الله عليه وآله وسلّم مثل هذافقال لي مثل ما قلت لك، فقلت له كما قلت ليفأعطاني. فقبل أبو عبيدة و انصرف إلى عمله،و تتابع الناس و استغنى أهل الحجاز، وأحيوا مع أول الحيا.
و جاء كتاب عمرو (1) بن العاص إلى عمر: إنالبحر الشامي حفر [لمبعث رسول الله صلّىالله عليه وآله وسلّم] (2) حفيرا، فصب فيبحر العرب، فسده الروم و القبط، فإن أحببتأن يقوم سعر الطعام بالمدينة كسعر مصر،حفرت لهم نهرا و بنيت لهم قناطر، فكتب [لهعمر] (3): أن افعل، و عجل ذلك (4)، فقال له أهلمصر: خراجك زاج، و أمرك راض، و إن تم هذاانكسر الخراج، فكتب إلى عمر بذلك، فذكر أنفيه انكسار خراج مصر و خرابها. فكتب إليهعمر: اعمل فيه و عجل، أخرب الله خراج مصر فيعمران المدينة و صلاحها، فعالجه عمرو و هوالقلزم، و كان سعر المدينة كسعر مصر، و لميزد مصر ذلك إلا رخاء.
و كان عمر إذا بلغه عن ناحية من نواحيالمسلمين غلاء حط نفسه على قدر ما يبلغه، ويقول: كيف يكونون مني على بال إذا لميمسسني ما مسهم، و إنه غلظ على نفسه و أقبلعلى خبز الشعير فقرقر في بطنه يوما، فقال:هو ما ترى حتى يحيى أهل مدينة كذا.
و من الحوادث في هذه السنة فتح جرجان (5)
و قد قيل: إنما سميت جرجان لأنه بناهاجرجان بن لاوذ بن سام بن نوح.و لما قتل النعمان بن مقرن، ولى أخاه سويدبن مقرن، و كاتب ملك جرجان، ثم
(1) تاريخ الطبري 4/ 100.
(2) ما بين المعقوفتين: من ظ، و الطبري.
(3) ما بين المعقوفتين: من الطبري.
(4) في ظ، و الأصل: «أعجل ذلك».
(5) تاريخ الطبري 4/ 152.