منتظم فی تاریخ الملوک و الأمم جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
فلما دخل سعد و المسلمون بهرسير- و هيالمدينة الدنيا- طلبوا السفن ليعبروا إلىالمدينة القصوى، و هي المدائن، فلم يقدرواعلى شيء و وجدوا القوم قد ضموا السفن ولاح للمسلمين الأبيض (1)، فكبروا و قالوا:هذا أبيض كسرى، هذا ما وعد الله و رسوله. فأقاموا ببهرسير أياما من صفر، ثم جاءأعلاج، فدلوهم على مخاضة، فتردد سعد فيذلك، ثم فاجأهم المدّ، فرأى رؤيا، أن خيولالمسلمين قد اقتحمت، فعبرت، فقال للناس:إني قد عزمت على قطع هذا البحر إليهم،فقالوا: عزم الله لنا و لك على الرشد،فافعل. و أتى بعض العلوج فقال لسعد: إن أقمت ثلاثاذهب يزدجرد بكل شيء من المدائن، فهيجهعلى العبور. فقال سعد: من يبدأ و يحمي لنا الفراض حتىتتلاحق به الناس لكيلا يمنعوهم من الخروج؟فانتدب له عاصم بن عمرو أول الناس، و انتدبمعه ستمائة من أهل النجدات، فسار فيهمعاصم حتى وقف على شاطئ دجلة، ثم اقتحموا.فجاءت الأعاجم فقال عاصم: الرماح، فطعنواالقوم فلحقوهم فقتلوا عامتهم. فحينئذ أذنسعد للناس في الاقتحام، فاقتحموا دجلة، وإنها لترمى بالزّبد، و إن الناس ليتحدثونفي عومهم كما يتحدثون على وجه الأرض، فكانالفرس يقوم براكبه، فربما لم يبلغ الماءالحزام، و ربما أعيا الفرس فتظهر له تلعةفيستريح عليها. و كان سعد يقول في عومه: حسبنا الله و نعيمالوكيل، و سلمان يحادثه في عومه حتى خرجوافلم يفقدوا شيئا، و لم يغرق إلا رجل وقع منفرسه في الماء، فعاد إليه رجل، فأخذ بيدهفعبر. و وقع من رجل قدح، فأخذه آخر، فجاء بهإلى العسكر فعرفه صاحبه. فلما رأى العدو ذلك هربوا لا يلوون علىشيء، و جعلوا يقولون: إنما تقاتلون