و قيل لأبي سبرة (1): هذا جسد دانيال عليهالسلام في هذه المدينة، قال: و ما علمي به،و كان دانيال قد مات بالسوس، [و كانوايستسقون بجسده، فلما ولى أبو سبرة إلىجنديسابور أقام أبو موسى بالسوس] (2)، وكتب إلى عمر رضي الله عنه في أمر دانيالعليه السلام، فكتب إليه يأمره أن يواريه،فكفنه و دفنه المسلمون. و كتب أبو موسى إلىعمر بأنه كان عليه خاتم فهو عندنا، فكتبإليه أن تختمه، و في فصه نقش رجل بين أسدين.
و لما ذهب أبو سبرة إلى جنديسابور، أقامإلى أن رمى إليهم بالأمان من عسكرالمسلمين، ففتحوا الأبواب، و خرج السرح،فقال المسلمون: ما لكم؟ قالوا: رميتم إلينابالسلام فقبلناه، و أقررنا لكم (3)بالجزية، قالوا: ما فعلنا. فسأل المسلمونفيما بينهم، فإذا عبد يدعى مكنفا كان أصلهمنها، هو الّذي كتب لهم. فقالوا: إنما هوعبد، و كتبوا بذلك الى عمر، فأجاز ذلك وانصرفوا عنهم.
فصل
ثم ان عمر رضي الله عنه أذن في الانسياح فيبلاد فارس في هذه السنة، و انتهى في ذلكإلى رأي الأحنف بن قيس الّذي قدمنا ذكره،فأمر الأمراء و بعث إليهم الألوية ليخرجواإلى الكور، فلم يستتب مسيرهم حتى دخلت سنةثمان عشرة، و أمدهم عمر، و كان يزدجرد بنشهريار بن كسرى و هو يومئذ ملك أهل فارسلما انهزم أهل جلولاء خرج يريد الريّ، ثمخرج إلى أصبهان، ثم إلى خرسان، فنزول مرو،و بنى للنار بيتا، و اتخذ بستانا، و بنىفرسخين من مرو إلى البستان، و اطمأن فينفسه، و أمن أن يؤتى، و كاتب من بقي منالأعاجم مما لم يفتحه المسلمون، فدانواله.(1) تاريخ الطبري 4/ 92.
(2) ما بين المعقوفتين من هامش الأصل.
(3) في الأصل: «أقررناكم».