من أبعد ما بيني و بينك من البيت، فقامتحتى جلست إلى عثمان بن عفان، فقال لهاعثمان: إنك لعلك ترين شيبا و تقلبا فيالسن، فإن وراء ذلك غلالة من شباب. فقالت:
إن أحب الخلطاء إليّ لمن ذهبت عنه ميعةالشباب، و اجتمع حلمه، و وثق برأيه. فلماخرج قال له الناس: يا أمير المؤمنين، كيفرأيت أهلك؟ قال: رأيت أوفى عقلا من الداخلةعليّ.
و في رواية: أن سعيد بن العاص كان علىالكوفة، فتزوج هند بنت الفرافصة، فبلغ ذلكعثمان، فكتب إليه: بلغني أنك تزوجت امرأة،فاكتب إليّ بنسبها و جمالها.
فكتب إليه إن كانت لها أخت فزوجنيها، فبعثسعيد إلى الفرافصة يخطب إحدى بناته علىعثمان، فأمر الفرافصة ابنه ضبّا فزوجهاإياه، و كان ضب مسلما، و الفرافصةنصرانيا، فلما أرادوا نقلها قال لهاأبوها: إنك تقدمين على نساء من نساء قريش،من أقدر على الطيّب منك، فاحفظي عني (1)خصلتين: تكحلي و تطيبي بالماء حتى تكونريحك ريح شنّ أصابه مطر. فلما جمّلت كربتلكربه، و حزنت لفراق أهلها، و أنشدت:
أ لست ترى باللَّه يا ضب أنني
لقد كان في أبناء حصن بن ضمضم
لك الويلمانع الحياء المحجبا
مصاحبةنحو المدينة أركبا
لك الويلمانع الحياء المحجبا
لك الويلمانع الحياء المحجبا
فقالت: أما ما ذكرت من الصلع فإنّي من نساءأحب بعولتهن السادة الصلع، و أما قولك:
إن تقومي أو أقوم، فو الله لما تجشمت منحسبات السماوة أبعد مما بيني و بينك، بلأقوم إليك. فقامت، فجلست إلى جنبه، فمسحرأسها و دعا لها بالبركة، ثم قال:
اطرحي عنك رداءك. فطرحته، ثم قال: حليإزارك. فقالت: ذاك إليك. فحلّ إزارها، وكانت من أحظى نسائه عنده.
أخبرنا محمد بن ناصر، أخبرنا ابن المباركبن عبد الجبار، أخبرنا أبو محمد
(1) في ت: «فاحفضي عن».