إن الحديث عن أثر الليالي في الآداب الحديثة، حديث يطول وليس بوسعنا أن نخوض فيه الآن، فقد أفردت لـه دراسات خاصة، و((يكفي أن نعرف أن الليالي طبعت أكثر من ثلاثين مرة مختلفة في فرنسا وإنجلترا في القرن الثامن عشر وحده، وأنها نشرت نحو ثلاثمائة مرة في لغات أوربا الغربية منذ ذلك الحين تتصور إلى أي حد تغلغل هذا الأثر في نفوس هؤلاء القراء، وخاصة الأدباء منهم)) الذين حملوا شخصيات الليالي، وبخاصة شهرزاد، الكثير من القضايا الرومانتيكية كتقديس الذات وتأكيد الشخصية وإيثار الحرية وترجيح العاطفة على العقل في الاهتداء إلى الحقائق، والسخرية بالملوك إذ إن ((شهرزاد قد هدت الملك إلى إنسانيته، وردته عن غريزته الوحشية، لا بوساطة المنطق، بل العاطفة، فصارت رمزاً للحقيقة التي يعرفها المرء عن طريق هذا الشعور والحب، وبهذا المعنى الأخير انتقلت "شهرزاد" إلينا في أدبنا المعاصر بفضل تأثير الآداب الأوروبية)).وقد تجاوز هذا التأثير المجال الأدبي إلى الفنون الأخرى كالسينما والموسيقى والرسم، وذلك لما في الليالي من مادة غزيرة ومتعة فنية لا تُضاهى، فهي تجمع بين النثر والشعر، وبين العامية والفصحى، وبين سهولة الحديث وعمق الفكرة، فهي تغذي الروح والخيال وتخاطب العقل والعاطفة.