1ـ مرحلة الصراع بين العامي والفصيح - اثر التراث الشعبی فی تشکیل القصیدة العربیة المعاصرة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اثر التراث الشعبی فی تشکیل القصیدة العربیة المعاصرة - نسخه متنی

کاملی بلحاج

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

1ـ مرحلة الصراع بين العامي والفصيح

تبلورت في خضم هذه الأحداث اتجاهات متصارعة حول الشعر العربي الحديث بين أنصار الأدب الفصيح أو الاتجاه المحافظ وأنصار الدعوة إلى الأدب العامي أو الاتجاه التمردي الداعي إلى (التجاوز والتخطي)، فاحتدم الصراع بين الفريقين وظهر في شكل معارك أدبية اتخذت من مصر ولبنان موطنين لها.

في تلك الظروف أيضاً عرف شعر العامية في هذين البلدين تطوراً كبيراً، فبصدور ديوان (كلمة سلام) للشاعر المصري صلاح جاهين، كانت العامية بما تسلحت به من تراث ابن عروس وبيرم التونسي قد قطعت شوطاً لا يستهان به، استطاعت من خلاله أن تلبي احتياجات السليقة الفنية عند الشعراء، بحيث اتخذت لنفسها أشكالاً ساذجة تدور حول العمود الخليلي تارة، ومقتحمة إياه تارة أخرى بأنغام جديدة وموضوعات شعبية عامة تدور حول الحياة العادية البسيطة، أو حول الحكايات والأساطير.

وقد تمكن فؤاد حداد ـ الأب الشرعي للحركة الشعرية العامية في مصر الحديثة ـ من تخليص شعر العامية من خصائص النشيد القومي والأغنية المذاعة، وينتهي به إلى ما يمكن تسميته بالمضمون الفني الذي يعالج التجربة الإنسانية في أبعد حدودها، فاكتسب هذا الشعر على يديه قيمته الفنية الخاصة، والتي كانت بدورها من روافد التجربة الشعرية العربية المعاصرة.

كما استطاعت مجموعة من الشعراء الشعبيين في مختلف البلاد العربية نذكر منهم ميشال طراد في (دولار) وموريس عواد في (أغنار) وعبد الله غانم في (العندليب) أن تكون حلقة وصل بين الشعر العامي والشعر الفصيح عن طريق التحوّل الذي أحدثته على مستوى القصيدتين (الفصيحة والعامية) سواء من حيث المضامين أو من حيث الأبنية التعبيرية والقيم الإيقاعية والموسيقية. وقد استمرت كوكبة أخرى من الشعراء والأدباء تؤسس لهذا الاتجاه وتعمل على تزكيته وتطويره من أمثال المازني وإلياس أبو شبكة وأحمد زكي أبو شادي وعلي محمود طه ولطفي السيد وعبد العزيز فهمي وسلامة موسى وغيرهم ممن كانوا يصدرون أحياناً عن مفهوم جديد لمعنى اللغة والفكر.

إذا كان الشكل القديم مقبولاً في زمن كان غرض القصيدة محصوراً في التعبير عن العواطف وإعادة صياغة الأشياء كما هي، فإن فكرة تشكيل القصيدة أصبحت تنبع من الإقرار بأن هذه الأخيرة لم تعد مجموعة من الخواطر والأفكار أو الصور، ولكنها بناء منظم ومندمج الأجزاء. ومن ثمّ كان الغرض من تغيير الشكل الشعري المتوارث هو جعل هذا البناء أكثر تنظيماً وتماسكاً، وخلق نوع من الانسجام والترابط العضوي بين التجربة الشعرية المعاصرة والأدوات الفنية المعبرة عنها. ذلك أن فلسفة الشعر الجديدة أصبحت قائمة على حقيقة جوهرية وهي أننا لا نشد المضمون على القالب أو في الإطار، وإنما نترك المضمون يحقق لنفسه وبنفسه الإطار المناسب. وهو أيضاً ما يراه غالي شكري من أن فلسفة الشعر المعاصر الجمالية تنبع من صميم الخلق الشعري وطبيعته الفنية، وما على الشاعر إلا أن يشكل القالب الموسيقي الذي تقتضيه الدفعة الشعورية في مجملها.

من هذا المنطلق الجديد لمفهوم الشعر وطبيعته بات من الضروري على الشاعر المعاصر ـ إذا أراد ألاّ يكون مقلداً لسابقيه ـ أن يجدد في طرق تعبيره وأدواته الفنية تماشياً مع هذا المفهوم وهذه الفلسفة الرامية إلى تغيير الرؤى والأشكال والقوالب. ومن ثمّ كانت العودة إلى التراث الشعبي والثقافات القديمة بمختلف أشكالها التعبيرية أمراً ضرورياً لتجاوز المرحلة. وكان التمرد والتحرر من القيود والأشكال القديمة هما أولى مداخل هذا العهد الجديد.

/ 62