يقصد بالطقوس والمعتقدات، تلك التصورات والأفكار والمعارف التي أنتجتها المخيلة الشعبية، والتي لها صلة بالجانب الروحي من حياة الإنسان. ويندرج ضمن هذا التعريف تلك الممارسات والشعائر الأسطورية التي كان يقوم بها البدائيون لتأمين حياتهم من الشرور والأخطار. والمعتقدات من هذه الناحية، ظاهرة حضارية تعبر عن تكيف الإنسان مع محيطه الغامض في حدود ثقافته ووعيه. وهي بالإضافة إلى ذلك تكشف عن جوانب مختلفة من حياة الأمة ومراحل تطورها، لأنها تحمل إرثها الثقافي والفلكلوري الذي صنعته أجيالها في تواصلها مع بعضها البعض عبر القول والفعل في لحظة التقاء الماضي مع الحاضر عبر المقدس. وهي من هذا المنظور أيضاً جزء من ممارسات الإنسان وتصوراته في علاقته بوضعه الاجتماعي والاقتصادي والنفسي والثقافي. كما أنها دعوة لاستمرار الحياة، ومحاولة لفهمها وتسخيرها.أما المعتقدات من وجهة التحليل الأنثروبرلوجي فهي عبارة عن بقايا أساطير اندثرت وبقي أثرها مستمراً عبر العصور نتيجة تمسك الإنسان بها خوفاً من المكروه وطمعاً في جلب الرزق والخير. كما أنها قد تكون بقايا وثنية وطوطمية لها علاقة بمستوى الطبقات التي تؤمن بها.ومهما اختلفت أنواع هذه المعتقدات والطقوس فهي تعود إلى أصول ذات بنى رمزية تعاكسية مبنية على مزيج من تفاعلات قوى الخصب والعطاء من جهة، وقوى الجدب والمنع من جهة ثانية، وهي في كل هذه الأحوال تنبع من اتجاهين متعاكسين يؤدي كل منهما وظيفة معينة.يرمز الاتجاه الأول إلى كل ما هو خير، مقدس، متاح، في حين يرمز الاتجاه الثاني إلى كل ما هو شر، مدنس، محظور، وهذا التقسيم التبوي إن صح التعبير لا ينبع ـ في نظرنا على الأقل ـ من سلطان ديني أو أخلاقي بإمكانه التعليل الأسباب والنتائج المترتبة عنها، بقدر ما ينبع من ذاته ولذاته، ولذا نجده يفتقر إلى التعليل ولا يعرف لـه مصدر، فهو أقدم من الآلهة وأسبق من الأديان كما يقول فونت لكنه على الرغم من ذلك يبدو بديهيا لمن يقع تحت سلطانه.في هذه النقطة بالذات تكمن فاعلية المعتقد وقوته التي تجعله يشمل العديد من المجالات الروحية والنفسية، ويتقلد مقام الصدارة في حياة الشعوب والأفراد.فهو ينتقل من جيل إلى آخر عبر قنوات الممارسة والفعل الطقوسي دون أن يتخلى عن سمته الرمزية التي تربطه بعوالم التحريم والتقديس.