ادباء مکرمون نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ويستمر هذا المشهد الذي لا يقدم جديداً لا على صعيد الشكل ولا على صعيد المضمون إلى أن تجدد أحداث المسرحية نفسها مرة أخرى مع دخول شخصية الأحدب التي يأتي بها صاحب الشرطة على أساس أنها شخصية ملك أسير بينما هو لا يعدو أن يكون ممثلاً جوالاً يقنعه صاحب الشرطة أنه بصدد تمثيل دور ملك الأعداء حتى يوهم السلطان أن الجيش قام بالفعل بأسر ملك.. والواقع أن هذا المشهد من أكثر مشاهد المسرحية حيوية وإتقاناً وإن لم يكن أهمها.
المقدمات سابقة الذكر كانت طريقاً سالكاً لبلوغ النهاية المتوقعة عندما يأتي رسول من قبل الأعداء طالباً من السلطان دفع جزية سنوية وتخفيض عدد أفراد الجيش والحد من الأسلحة والاعتراف الكامل وملاحقة المخربين وتعديل الحدود.. ولنلاحظ هنا تلك الصبغة المعاصرة للمفردات المختارة وكأن الكاتب لم يكتف من كل ما سبق في التأكيد على معاصرة الفكرة فأراد أن يدعم جهوده السابقة ببعض المفردات المعاصرة والتي كثيراً ما تستخدم في وسائل الإعلام.. هذا الزج بهذه المفردات يأتي في سياق فائض عن الحاجة، إذ طالما وصلتنا إشارات سابقة في المسرحية تؤكد على فكرة التعامل مع أحداث هذا العمل وشخصياته بطريقة معاصرة وعدم الاستكانة للإطار التاريخي.
عندما يسمع السلطان بهذه الشروط يبدي استغرابه لاعتقاده أنه هو الطرف المنتصر وليس الطرف المهزوم، وفي هذا محاولة في غير محلها (قد تكون محاولة غير مقصودة) للتقليل من حجم مسؤولية السلطان عن الهزيمة التي لحقت بالدولة، فإذا كان السلطان لا يدرك حجم الهزيمة ولم يسمع بها فهذا يعني أن مسؤولية كبيرة تقع على الآخرين، في الوقت الذي يتعين فيه على الراعي أن يكون ملماً بكل شاردة وواردة فيما يتعلق بشؤون رعيته ومتحملاً لكامل المسؤولية، وما محاولة تخفيف هذه المسؤولية في هذا العمل إلا إضعاف لقوة طروحاته وإفقار لغنى أفكاره، مع الإدراك التام أن الكاتب هنا لا يقدم نموذج القائد المثالي وهو ليس مطالباً بذلك، بل ما هو مطالب به عدم البحث عن مبررات لا تساعد في إكمال صورة المسرحية الجميلة.