الشخوص
تقدم القول، بأن هذا العمل الذي نحن بصدده، تتبع أبعاد الملحمة "من حيث هي جنس أدبي" (1)، وكان ذلك حافزاً لأن يأتلف من أجزاء كثيرة (وامتياز الملّحمة من هذه الناحية، يفضي إلى امتيازها بروعة التأثير والتنقل بالسّامع، وتخفيف القصة بلواحق مختلفة) (2). وقد كان يتجاور الوصف فيها والحوار وصور الشخصيات، وفي وصف أخلاقها.ونحاول فيما يلي أن نستجلي الشخصيات الأساسية والثانوية فيها، لتصحّ لنا هذه الدراسة والأحكام والنتائج، فقد كانت تلتقط مادتها من واقع الحياة نفسها، فجاءت المعاني والرؤية الخيالية، وكذلك الأشخاص على انسجام تام.تقوم هذه الملحمة، من حيث الشخوص، والأسلوب القصصي، على أساس اختيار شخصيتين أساسيتين، هما:شخصية الشيخ وشخصية الفتاة، اللتان كان الشاعر يوحى إليهما بما يريد، ففي شخوص أبطال الملحمة دلالات كثيرة على الشاعر، ولكنه لم يضع على ألسنتهم من الكلام ما وضع على لسان "الشيخ" فبصيرة الشيخ وحنكته هما نضج الشاعر نفسه فيما حوله من الناس ومن الحياة، وللشيخ في غضون هذا البصر والنفاذ، كلام هو خليق بأن يجري على لسان الشاعر، من أن يجري على لسان الشيخ.
(1)-هلال، محمد غنيمي، 1970 -الأدب المقارن، مكتبة الأنكلو المصرية بالقاهرة، ط4، ص 143. (2)-أرسطو طاليس، 1967 -في الشعر، تحقيق د. شكري عيّاد، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر بالقاهرة، ص 136.