وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها العقاب فدمّرناها تدميرا ويبدو أن مدن المِلح والقشّ التي عمّ فيها الفساد، واستشرى الطغيان، وفسق المترفون، قد حقَّ عليها العقاب، وهي في طريقها إلى يوم الحساب العسير الذي سينقلب فيه السلّم الاجتماعي فيصبح عاليه سافله. لقد يئس الإداريون من إصلاح الفساد، فالكلّ يعلم أن مهمة الإصلاح قد أصبحت عسيرة، وإلاّ فمَنْ الذي سيهدم البنيان الذي أُسس على الفساد، ومَنْ الذي يحاسب مَنْ؟
إن الكلّ والغ في الفساد حتى أذنيه، فكيف يمكنه أن يتخلّى عن امتيازاته وسياراته وسلطته؟
إنه سيدافع عنها حتى الموت، ولن يتخلّى عنها إلا على جثته، فهل تمكن محاربة سراطين المال، وحيتان التجارة، وأعلام الدمار، بالكلمة وحدها؟
أم أن التغيير يجب أن يكون جذرياً؟
1ـ في تأصيل المسرح
ومن منطلق تأصيل المسرح الذي يُعَدّ عبد الفتاح قلعه جي واحداً من مؤصليه، حيث يعود إلى الرموز والموروثات العربية التراثية، ليعيد إنتاجها في تشكيلات معاصرة، تستفيد من معطيات الاتجاهات المسرحية العالمية المعاصرة. وهذا هو التأصيل. إنه المواءمة بين (الأصالة) و(المعاصرة) لا على أنهما نقيضان،وإنما على أساس تكاملهما معاً. فينطلق القلعه جي من الموروث المسرحي في الشكل والمضمون:
ففي (الشكل) يعود إلى التراث العربي في مسرح (خيال الظل) فيوظّف شخصيتي (كراكوز وعيواظ). وفي المعاصرة يضيف إلى هذا الموروث البناء الهيكلي لبعض شخصيات (الكوميديا ديلارتي) في تشكيلها (الغولدوني). وفي (المضمون) يستمد من الموروثات الشعبية الشفوية عن (جحا العربي) ويضيف إليها من المعاصرة وصف فساد الواقع الذي يبدو وكأنه دراما اللامعقول في تركيب حلمي انتقادي كوميدي.
وعن طريق (خيال الظل) يحكي (كراكوز وعيواظ) عن همومهما التي هي هموم كل مواطن شريف مسحوق تحت أنياب الغلاء وعن الأثرياء الجدد الذين لا يشبعون من استغلال الآخرين: