(العرس)
رحلة المتعة المفيدة
في معادلة الألوان المسرحية
د. فايز الداية 1ـ يشهد مسرح الحمراء في دمشق
تجربة متميزة في الحركة المسرحية المعاصرة في القطر ذلك أنها تجمع عدداً من القضايا، وتحاول الإجابة عن أسئلة كثر تكرارها في الأجواء الفنية.إن العرض المسرحي "العرس" لمؤلفه عبد الفتاح قلعه جي ولمخرجه محمد الطيب، ولمجموعة الفنانين في المسرح القومي. اجتهد في الوصول إلى صورة المسرح الشامل وقد نجح إلى حد كبير، ذلك أنه يعرض قطاعاً من الأرض العربية إبان الحرب العالمية الأولى والاستعمار العثماني يجثم عليها فتتبع الأحداث والصراع الذي تعاظم بين الطغيان والرغبة في الاستقلال والحرية، وعرض الملامح الاجتماعية للعلاقات في المجتمع العربي في سورية آنئذ فتمثلت قسمات العادات الشعبية للخطوبة والزواج، والتي تتآزر فيها روح المجتمع بتكافله ودفاعه عن قيم الخير ليستمر نماؤه رغم الشوائب والمعوقات وخفقات الأفئدة بين المحبين، وتثابر المسرحية على تنامي أحداث الفرد مرتبطة بمصير الوطن، ويظهر على أن الخلاص لا تنفصم عراه بينهما. استعانت مسرحية "العرس" بالموسيقا والغناء والرقص الشعبي وصيغ الاحتفال إلى جانب البناء الدرامي لتغدو تلك الحقبة من تاريخنا ماثلة حية تضج بأنفاس مَنْ عَمَّروها، وتجد منفذاً إلى نفوسنا، فهي لا تكتفي بما يتجسد أمامنا من مواقف وما يتبدى من الآراء، وإنما تكسر الرتابة أو جمود المسافة بين المتفرج وأحداث الخشبة لتغمر بدفء الطقس الاجتماعي وحرارة التفاعل معه، وإن الحشد من الأدوات الموسيقية والغنائية وملامح الرقص لا يدفع به في سبيل متع خالصة يسترخي معها المتفرج وإنما تتعامد مع حركة الحدث التاريخي وعوامل الصراع مما يجعل من الموسيقا أداة فاعلة في تكوين شمولي.