2ـ الحكاية بين النص والعرض
كتب عبد الفتاح قلعه جي "عرس حلبي" وطبعه قبل أن يقدم هذا العرض المسرحي الذي نتحدث عنه وثمة فرق كبير بين العملين ففي المطبوعة حرص المؤلف على جزئيات ودقائق للأحوال الاجتماعية في مناسبتي الخطوبة والعرس ثم في الأحزان، وكان تدوينه وثائقياً لهذا وللقدود والأغنيات والهناهن وأناشيد العراضة، ووصف الملابس والحركات من خلال تسجيلية عملية، وامتدت نتيجة لذلك الأمكنة وتعددت على نحو يصلح لتنفيذ تلفازي أو سينمائي ويصعب تحقيقه أو متابعة التنقل فيه، وترتب عليه أيضاً ذوبان الفعل الدرامي ووضوح القسمات لكل شخصية من الشخصيات الكثيرة.أما في "العرس" عرضاً مسرحياً حيّاً فقد استفاد قلعه جي من المادة المكتوبة مشذبة ومحدودة وأعطى فرصة عملية للمخرج كيما يستوعب المكان المسرحي أجواء البيئة، ولتبرز شخصيات أساسية وهي تلعب دورها في الصراع والتنامي، ومن حولها الأهل والأقارب والجيران أو الخصوم بكلمة مجملة استطاع القلعه جي إغناء الجانب الدرامي ليقف على قدميه في مسرحية شاملة: انقسمت الشخصيات إلى مجموعتين متواجهتين الأولى فيها أبناء الحارة ـ وهم الشعب ـ حسن الفنان لاعب خيال الظل (الكراكوز) وأهله والجيران ليلى وأهلها وعدد من الذين يكدحون ويسعون وراء لقمة تسد الرمق ويحلمون بيوم تظلل الحرية الديار ويبذل الشباب جهدهم ودمهم في سبيل قضية الوطن لا قضايا المحتل العثماني وأطماعه التي من أجلها سيق زهرة شباب الشام في الحرب الأولى "السفر برلك" وتحتمي هذه الجماعة في بعض المواقف بالخندقاني أو الفتوة الذي أعطاه المؤلف طاقة إيجابية على نقيض ما كان عليه في النص المطبوع، وهذا ضمن تماسكاً أكبر في البناء الدرامي بدلاً من التشتت والتوزع، والمجموعة الرئيسية الأخرى يمثلها الأمباشي التركي رئيس المخفر وعسكره والمختار الذي يمشي في ركابه، وظاهرة التاجر الجشع (ميسور)