طليعية المسرح
إن "الطليعية" التي ينحو إليها مسرح عبد الفتاح، تمنح الكاتب المسرحي حريته المطلقة، فهو خالق عالمه وسيده كما يقول "أبو لينيير" ولكن واجب الكاتب الطليعي أن يبعث الحياة نفسها بكل حقيقتها، أو أن يعبر عنها كلاً وليس جزءاً وهذا ما تصل إليه مسرحية عبد الفتاح التي انتهجت الشكل الطليعي محققة أبرز خصائصه الفنية.لقد استخدم عبد الفتاح الرقص والإيماء الحركي في مسرحيته. وعمل على ربطهما بشكل عضوي بحدث مسرحي.. يقول "كوكتو": إن غداء عادياً في برج ايفل يمكن أن يصبح نوعاً من الباليه". والرقص الذي أداه بطلا القلعه جي لم يكن لملء فراغ الجملة من الفعل.صحيح أن القلعه جي يحقق في مسرحيته ذات اللقب الذي أطلقه "لوبرودير" على ـ المسرح الطليعي ـ حين قال: إنه لحن احتضار المجتمع البرجوازي.. ولكن كاتبنا يصل إلى ذلك عبر الوسيلة الفنية المسرحية القادرة على إدهاشنا..أخيراً
لابد من التأكيد على أن عالم القلعه جي هو مختلف عن عالمي "بيكيت ويونسكو" ـ المؤسسين على الوعي الواضح بفراغ الحياة وحاجتها إلى المعنى، بينما، عالم ـ عبد الفتاح ـ مؤسس على وعي واضح بامتلاء الحياة وزخم المعاني التي تمور بها.. إنها في الوقت ذاته نقطة القوة ـ في أدب عبد الفتاح ـ لو أنه عاد إلى الأصول البدائية للدراما ولو أنه أبدع على صعيد الشكل ما هو قادر على ابتداعه على صعيد المضمون، محققاً لمسرحه المتعة التي يفتقدها والتي لا يقدر على نشرها في نفوس المشاهدين غير الحدث الحي والشخصية الإنسانية.أخيراً لابد من الاعتراف بأن عبد الفتاح يجتهد في أن يقدم أشكالاً جديدة للمسرح، مجرباً في سبيل ذلك كل وسائله وأدواته الفنية.