3ـ في محكمة العدل
في القضية الأولى (نون خمسة) يغادر (النزيل) زنزانته فينزل جحا عن المنصّة ليصافحه. وعندما يتذمر كاتبه فهذا لا يليق بالقاضي. يرد جحا: (المتهم بريء حتى يُدان). ويسأله عن اسمه فيردّ النزيل: (نون خمسة) وأنهم حوّلوا الشعب إلى أرقام، و(المواطن مُتّهم حتى تثبت براءته). وقد كان المتهم كاتباً اتُّهم بعشق الحرية. لكن النائب العام يردّ بأنه متّهم بالتحريض والتخريب والتآمر على الحضرة الباشوية، وأنه عميل مأجور. وقد استدعى كل مقالاته وشخصيات روايته ليشهدوا ضده. لكن (النزيل) يجيب بأن الباشا أعلن أن الحرية قد عادت إلى البلاد، وأن على الناس أن تتكلم كما تشاء، فصدّقوا وتكلموا فصاروا في السجون. وأن الكتخدا يحب زوجة الباشا، ويريد أن يتخلّص منه. فإذا كثرت الشكاوى عليه، عزله السلطان، وولّى مكانه معاونه الكتخدا. وبذلك يضرب الكتخدا عصفورين بحجر واحد: فيصير باشا المدينة، ويتزوج ست الحسن بعد أن يطلّقها من زوجها الباشا المخلوع. ويحكم جحا على الكتخدا بالسجن. وعندما يعترض الكتخدا على الحكم يعرض جحا رزمة مفاتيح أمام الحضور قائلاً للكتخدا: ألم ترسل لي يا كتخدا مفاتيح عربية جديدة لأحكم على هذا الصوت الحر الشريف بالإعدام؟ في القضية الثانية (قضية تاجر البناء خليل والمواطن صطيف).والعجب من كون المدّعي (صطيف) معتقلاً، والمدّعى عليه (تاجر البناء خليل) طليقاً!؟ جحا: هل حقاً اغتصبت البيت اغتصاباً يا صطيف الصطوف؟ صطيف: سيدي القاضي اشتريته بعرق جبيني، ثم جاء هذا المحتال وباعه مرة ثانية، ورماني وأولادي في الشارع. رئيس العسس: البيع الثاني سليم لأنه مسجّل في السجل العقاري، أما الأول فلا أساس لـه من الصحة. إنه يكذب يا سيدي القاضي. جحا: محامي الدفاع. صطيف: يا سيدي ليس معي ثمن رغيف لأولادي فمن أين لي أجرة المحامي؟ الحمار: سيدي القاضي البيع الأول سليم، وهذا هو صكّ البيع. وهذا السيد (مشيراً إلى خليل) رجل نصّاب. يمتلك معظم بنايات المدينة. مسموح لـه ببناء العمائر والمتاجر وحتى السدود بغير حدود، وآخر سدّ بناه انهار بعد خمس سنوات، فقتل المئات، ودمّر القرى والمزروعات. وقد حقق من هذه المشروعات ثروة خرافية.