صعود العاشق
قراءة مسرحية في التراث الصوفي
د. خالد محيي الدين البرادعيمسرحية صعود العشق لعبد الفتاح قلعه جي، مبنية أصلاً على أعتاب حكاية صوفية للشاعر الفارسي الكبير فريد الدين العطار الذي عاش خلال القرن السادس الهجري وترك منظومته الخالدة: منطق الطير التي شغلت النقاد والمستشرقين إلى اليوم.أما الحكاية التي مسرحها عبد الفتاح فهي: "حكاية الشيخ صنعان وعقده الزنار لعشقه الفتاة المسيحية" وهي شعرية دقيقة البناء والمدخل والنهاية. تحكي قصة شيخ متصوف عاش في مكة بين مريديه خمسين سنة ثم أبصر في نومه أنه رحل إلى بلاد الروم وسجد للأصنام. وتكررت رؤية هذا المنام. حتى عقد العزم ورحل وهناك أبصر الفتاة خارقة الجمال التي وقع في حبها لمجرد رؤيتها. وبعد التذلل أمامها والسجود على قدميها أمرته أن ينسى ما تعلمه من الدين والفقه. وأمرته أن يستبدل ثيابه ليخلص من آثار ماضيه. وأن يشرب الخمر، وأن يرعى الخنازير بعد السجود للأصنام وبعد أن تخلى عن ذاته السابقة، وأمسى كالظل ليونة للفتاة الجميلة لمدة سنة كاملة. ومريدوه ينصحون لـه فلا يسمع ويذكرونه بماضيه الجميل النقي فلا يذكر. عادوا إلى مكة تاركين شيخهم صريع هذا العشق المدمر بين يدي الحسناء التي لذ لها إذلاله الدائم. حتى هيأ الله للمريدين شيخاً زارهم في مكة وسألهم عن الشيخ صنعان. وعندما أخبروه وبخهم لتركهم إياه صريع تلك الحال. وحمسهم ليسافروا من جديد إلى بلاد الروم. وهناك فتح الله عن بصيرة الشيخ صنعان الذي عاد سيرته الأولى ورحل معهم إلى مكة تائباً من سكرة العشق التي داهمته سنين.