ادباء مکرمون نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
تنوع المناظر، وتنوع في الوصف، وتنوع في العواطف، وتنوع في الأسلوب، وتتصف بتماسك الأجزاء، وتسلسل الحوادث، مما يدل على وحدة الموضوع ووضوح الفكرة. وموضوعات الملحمة، كما وردت في النسخة تسعة. الموضوعات الثلاثة الأولى تناول الصيحات الثلاث: الأولى والثانية والثالثة. والموضوعات الأخرى التالية، جاءت مرتبة وفق أصول معتقدية على النحو التالي: الحساب، والمطهر، والشفاعة، والنار، والجنة، وأخيراً ذبح الموت. وبذكر هذه الأصول تنتهي قواعد الاعتقاد كما جاءت في الملحمة. وهي تقع في 223 صفحة، من القطع العادي، وكانت الطبعة الأولى في سنة 1400هـ-1980م عن دار النفائس ببيروت(1).
ولعل أهم ما يواجه الباحث -وهو يتعرض لهذا الأثر الأدبي- هو إخراج هذا النص الشعري، في العصر المتأخر، الذي غابت فيه صورة الملاحم الشعرية أمام ازدهار الروح العلمي، الذي تحفزه أسباب كثيرة في مهاجمة الشعر والنيل منه في تأديته أيّ دور حيوي، لأن روح العصر تناوئ الشعر الملحمي، ذلك أن الفكر في الشعر ليس فقط ثمرة للنشاط العقلي، وإنما للمشاعر والإرادة، أو كما يقول فرنسيس بيكون: "إن الشعر يخضع مظاهر الأشياء لرغبات الذهن"(2).
ولهذا نتساءل: لماذا هذا الشعر الملحمي هو المقدم لدى الشاعر مع أنه تمرّس في غيره من الفنون؟.
قد نتذرع بالإجابة عن هذا التساؤل، بأن الشاعر إنما أراد للشعر أن يكون الفيصل في رسم صورة للواقع، ولكن هذا لا يحمل الإجابة الكافية. إذن، هل نشكّ في مكانة الشعر، ومن ثمّ فإن تنغيمات الشعر وإيقاعاته لم تكونا الأسلوب التعبيري الذي يصور مرحلة تطور الإنسان الفكري؟
وهل معنى هذا -كذلك- أن "ملحمة القيامة" ينطوي شعور منشئها على أن الشعر من القوة والحيوية بحيث يتمتع بمكانة آمنة؟.