ادباء مکرمون نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ومن هنا، تبدو عملية الرصد هذه لعدة تفعيلات السطر الواحد شائكة وعسيرة في الوقت نفسه، وهذا لا يتأنّى لنا إلاّ باجتزاء مقاطع بعينها من مشاهد الوحدات الأساسية المتقدم ذكرها، وهذا العمل لا تتوفر لـه الدقة المتوخاة أيضاً.
وعلى الرغم من ذلك فقد كان الشاعر يجعل الأسطر منها ما يتناسب في عدد من التفعيلات، نحو فاعلن وفاعلاتن وفعولن ومفاعيلن، ومنها ما يتناسب على الضدّ من هذا العدد، نحو مستفعلن وفاعلن، ومن الأجزاء ما يتباين ويتخالف، نحو مفاعيلن ومستفعلن، ولكنه في الأعم الأغلب، كان يحافظ على جعل أسطر الأشعار تشتمل على عدد قليل من التفاعيل، فقد كانت الأسطر التي تتردد فيها تفعيلتان أو ما يلحقهما من أجزاء من تفعيلات أخرى تكتمل في الشطر التالي، في المرتبة المتقدمة لديه، بينما كان يحتل عدد الأسطر التي تتكون من تفعيلات ثلاث، أو ما يلحقها من أجزاء من تفعيلات أخرى تليها، المرتبة الثانية، في حين كانت المرتبة الثالثة للأسطر التي تتكون من تفعيلة واحدة، أو ما يتبعها من أجزاء من تفعيلة أخرى تكتمل في السطر التالي. وطبيعي أن تكون هناك أسطر يتراوح عدد تفعيلاتها بين أربع تفعيلات إلى خمس تفعيلات، وقد تبلغ ست تفعيلات، وهذه تشكل النسبة الأقل بين عناصر أسطر الأشعار.
ومن هنا، فإن الجملة الشعرية عند الشاعر تمتد لتشمل عدداً معقولاً من التفعيلات وعدة أسطر، وفي هذا الإطار، فإن الجملة الشعرية المشتملة على عدة أسطر، لا تبعد كثيراً عن عدد تفعيلات البيت الشعري العادي في القصيدة العربية وموسيقاه الشعرية.
بقي شيء ينبغي الإشارة إليه في هذا السياق، وإن تردد ذكره في تضاعيف هذه الدراسة، وهو أن الشاعر كثيراً ما كان يلجأ إلى الاقتباس والتضمين من القرآن الكريم ونخلص إلى القول، بأن الشاعر كان يعمد إلى التنويع في الوزن في أشعاره التي تشكّل منها هذا العمل، لأنه كان يسعى لما يحقق لـه التوافق والانسجام مع مواقفه الكثيرة المتغيرة، ذلك أن أغراض "الملحمة" كانت شتى (وكان منها ما يقصد به الجدّ والرصانة، وما يقصد به الهزل والرشاقة، ومنها ما يقصد به البهاء والتفخيم وما يقصد به الصغار والتحقير -ولذلك -