ادباء مکرمون نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
فشخصية الشاعر ذات عمق اجتماعي واضح، تتفانى في محيطها الاجتماعي الذي تصفه، وتستوضح فضائله ورذائله بطريق الرمز الإخباري، وتحاول أن تسبر أعماق النفس وتتحرّى الفطرة فيها، وتهيج العواطف والشعائر، فكانت امتداداً فكرياً للشاعر، أحاطت برؤاه نحو الواقع، والكون من حولـه، فلم تحتبس مخيلته عند قضايا بعينها، بل وجد عالمه أرحب، فاستنطق كثيراً من الأشخاص -بعيداً عن الطبقات الأدبية واللغوية -الذين يستوعبون ثقافة العصر، ويعبرّون عنها بطرائق مختلفة. فكانت الرؤى لأولئك تتميّز بالإحاطة والشمول، وهو ما يمكن أن نصفه "بالحيّز الاستيعابي"، فلم يغادروا فلسفات العصر وتنبؤاته، وعلى الأخص فيما يتصل بقوى الطاغوت التي تؤجّج الفتنة في الأرض، بأسماء واهية مستعارة، لتدوس الأمم والشعوب، فيعبّر عن ذلك صوت الفتاة: (1)
"وانسالت يأجوج ومأجوج
زحفوا بالنار العصرية لاستعمار الأرض:
باسم المدنيَّة
باسم مذاهب شرقيّة
أو غربية
باسم الفكرية داسوا أمماً وشعوباً
قتلوا الأطفال.!.
فهذا التعدد في الشخوص، واختلاف الأنحاء فيها، يتيح لملحمة القيامة، أجواء إنسانية واقعية، تقف على حقائق الواقع المضطرب، وترصد أبعاده وتغيراته بأدق المعايير، فهذا "الشيخ" الصوت الرائي، يرصد حركات الناس واختلاط أمرهم بقوله:
"رصدت حركات الناس عيون ذئبية
كانوا للطاغية عيون القهر
تراهم في الطرقات
زوايا العمل
سرير اللّذة
تحت الملعقة..