ادباء مکرمون نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ـ يشكل مفهوم التحديث واحداً من المفاتيح الأساسية لفهم كل المسار التاريخي من سياسي واقتصادي واجتماعي للوطن العربي في الأزمنة الحديثة. ونظراً للاستعمال السائد والشائع لمفهوم التحديث ولتلك المتغيرات السريعة التي تعصف الآن بالعالم، ومنعاً للالتباس الذي يحيط بدلالاته، فإنه من الضروري أن نرجع إلى هذا المفهوم حتى نتمكن من وضعه في إطاره المعرفي والسوسيو ـ تاريخي.
ـ بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد حصول أغلب المجتمعات المستعمَرَة على استقلالها، شاع استعمال مفهوم التحديث، وخاصة في مجال العلوم التطبيقية والاجتماعية. كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية حيث شهدت النظريات والدراسات رواجاً واسعاً في أوساط الباحثين الأمريكيين بالخصوص، ومن ثم في أوربا.
ـ لكن هذا المفهوم ونظراً لرواجه السريع والواسع لدرجة أصبح معها مطاطي المعنى. شابته مفاهيم عدة، وملابسات جعلته يعاني من بنية غير مستقرة المفهوم،"فهو يدل على كل شيء، وفي الوقت نفسه لا يدل على أي شيء، وغالباً ما يتم خلطه بمفاهيم أخرى كالتغريب والتحضر والتصنيع والتنمية بأبعادها الأفقية والعمودية...الخ"(1). وينطلق النموذج القاعدي لهذا المفهوم من مجموعة الشروط التي تسمح بالانتقال من المحيط التقليدي إلى إطار الحديث.
ـ إن مسألة التأصيل والتحديث في المسرح العربي اليوم لا يقتصر البحث فيها على المسرحين والنقاد فحسب، بل تدخل أيضاً في دائرة اهتمام المفكرين والدارسين لشؤون الفكر العربي والجماليات العربية. "غير أن البعض يلاحظ أن الحركة المسرحية العربية تعاني من تضخم نظري ومن نزعات تنظيرية جعلت المسرح يغترب في أطر أدبية ومتاهات مفاهيمية أصبحت تشكل عبئاً على الفعل المسرحي وعائقاً أمام التواصل الثقافي والفني العربي" (2).