في امس الحاجة اليها لانها تحمي ايمانهم من هجمات الخوارج المكفرين لكل من خالفهم ولم يشترك معهم في الثورة على الامويين، ومن هجمات المعتزلة التي تنفي عن العصاة صفتي الايمان والكفر، ومن حملات المحدثين والفقهاء الذين كانوا يصفونهم بالفسق والنفاق. في هذا الجو المشحون بالصراع العقائدي ظهرت فكرة الارجاء التي تنص الى ان الايمان لا يعتبر فيه اكثر من الاقرار باللسان، ولا تضر معه المعاصي والمنكرات مهما بلغت وكان نوعها، بل حتى ولو عبد الاوثان، ولازم اليهودية والنصرانية، كما نسب ذلك لبعضهم، والارجاء الذي يمنح العصاة صفة القديسين، ويفتح الباب امامهم لجميع المعاصي والمنكرات، هذا النوع من الارجاء لانه يطمع الفساق والمستهترين في عفو الله ويشجعهم على المعاصي، لعن الامام (ع) انصاره وشدد على معتنقيه والقائلين به. ان المرجئة الذين يمنحون يزيد بن معاوية واباه صفة العاملين بكتاب الله والمتبعين لسنة رسول الله وسيرة اوليائه، ويكذبون الكتاب والسنة اللذين وصفا العصاة بالفسق والنفاق، وتوعدا االعاصي بالعقاب الشديد والعذاب الاليم، هؤلاء هم الشركاء لجميع العصاة في عصيانهم ومخازيهم، واكثر ضرراً من الخوارج والقدرية واحق باللعن والخزي منهم. واما الخوارج فالشذوذ الجامع بين جميع فرقهم، هو تكفير جميع المسلمين حيث انهم لم يشتركوا معهم في ثورتهم ضد الحكام، ولم يقروا جميع آرائهم وتصرفاتهم(1). (1) لقد عقدنا فصلاً خاصاً في كتابنا (الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة) عن الخوارج، وعرضنا فيه الجوانب المهمة من تاريخهم وفرقهم وتشريعاتهم، والاسباب التي ادت الى فشلهم مع ايمانهم بمبادئهم وتصلبهم في تنفيذها مهما كان الثمن غالياً.