الجميل والمقام المحمود في القادسية ). وتـلاه ابـن عـساكر في موسوعته الكبرى تاريخ مدينة دمشق ((122))
, فقد بدا ترجمته بقوله : ((يقال ان له صحبة وكان احدفرسان العرب المرموقين وشعرائهم المعروفين شهد اليرموك وفتح دمـشـق , وشـهـد اكـثـر وقائع اهل العراق مع الفرس , وكانت له في ذلك مواقف مشكورة , ووقائع مشهودة )). هكذا وصفـوا القعقاع بن عمـرو منـذ القـرن الثاني الهجـري حتى عصـرنا الحاضر, حيث وصفـوه بـرجـل الـنـجــدة ((123))
ونـعتوه بفاتـح خانقين , وحلـوان , وهمـذان ضمـن ذكـر قادة الفتح الاسلامي ((124))
, فمن هـو القعقاع هذا؟. نسبه : تـخـيـلـه سـيـف : الـقعقاع بن عمرو بن مالك التميمي ثم العمري ((125))
, وكناه ابن الحنظلية ((126)) , وذكـر ان لـه خـؤولـة ((127)) في بارق ((128))
وقال : ان زوجته كانت هنيدة بنت عامر الهلالية من هلال النخع ((129))
. صحبته للرسول : اخـرج الـطبري وابن عساكر عن سيف انه روى , وقال : كان القعقاع من اصحاب النبي ((130))
, وقال ابن حجر ((انشد سيف للقعقاع : ولقد شهدت البرق برق تهامة . يهدي المقانب راكبا لعيار ((131))
. في جند سيف اللّه سيف محمد. والسابقين لسنة الاحرار ((132))
)).
رواياته
ا ـ حديثه عن الرسول :. روى ابـن حـجر بترجمته من الاصابة عن سيف بسنده الى القعقاع قال : (قال لي رسول اللّه (ص ): ((ما اعددت للجهاد؟))قلت : طاعة اللّه وطاعة رسوله والخيل , قال : ((تلك الغاية ))). ب ـ روايته عن الصحابة : روى ـ ايـضـا ـ ابن حجر في الاصابة عن سيف عن عمرو بن تمام عن ابيه عن القعقاع بن عمرو, قال : شهدت وفاة رسول اللّه (ص ) فلما صلينا الظهر جاء رجل حتى قام في المسجد, فاخبربعضهم , ان الانصار قد اجمعوا ان يولوا سعدا ـ يعني ابن عبادة ـ. ويـتـركـوا عـهد رسول اللّه (ص ) فاستوحش المهاجرون من ذلك ثم قال ابن حجر: اخرجها ابن السكن وقال : ((سيف بن عمرضعيف )). واخرج الرازي هذه الرواية بترجمة القعقاع مختصرا وقال :((سيف متروك , فبطل الحديث وانما ذكرناه للمعرفة )) ((133)). ونقل ابن عبدالبر في ترجمة القعقاع : ما ذكره الرازي مع تعليق الرازي عليه . واخـذ من ابن عبدالبر كل من ابن الاثير والذهبي في ترجمتهماللقعقاع , غير انهما لم يذكرا تعليق الرازي عليه . مناقشة السند: مـا ذكـر فيه نسب القعقاع رواه سيف عن الصعب بن عطية عن ابيه بلال بن ابي بلال يرد اسمه في سند تسع من روايات سيف اعتمدوا عليها في ترجمة سبعة من مختلقات سيف من الصحابة ((134))
. ومـا ذكـر فـيـه انه ابن الحنظلية , والاخر الذي ذكر فيه انه من اصحاب النبي (ص ) في سندهما مـحمد وهو ـ عند سيف ـ ابن عبداللّه بن سواد بن نويرة , يرد اسمه في سند 216 رواية لسيف في تاريخ الطبري . وما ذكر فيه اسم زوجة القعقاع في سنده : ا ـ مـحـمد المذكور آنفا ب ـ المهلب وهو ـ عند سيف ـ ابن عقبة الاسدي يرد اسمه في سند ست وسبعين رواية لسيف عندالطبري . وما ذكر فيه انشاد القعقاع للبيتين من الشعر لم يذكر ابن حجرسند رواية سيف لننظر فيه . ومـا ذكـر فيه ان القعقاع روى عن الرسول وحديث حضورالقعقاع يوم السقيفة رواهما عن البطل الاسطوري القعقاع نفسه . بحثنا عن هؤلاء الرواة في كتب الحديث والتاريخ والانساب والادب , ولما لم نجد لهم ذكرا في غير احاديث سيف جاز لنا ان . نعتبرهم من مختلقات سيف من الرواة نتيجة البحث : مـا اوردنـاه الـى هـنا من حديث سيف في شان القعقاع لم نجده عندغيره لنقارن بين حديثه وحديث غيره , وانما تفرد سيف بروايته . ووجدنا في اسنانيد احاديثه رواة من مختلقاته .
حصيلة الحديث
في الاحاديث السابقة وجدنا:. ا ـ سـيـف بن عمر يهيئ القارئ ليسمع عن القعقاع بطلا حليفاللخيل , مطيعا للسلطة , يترنم بالشعر وهذا عنوان احاديث سيف في شان القعقاع . ب ـ وفـيـهـا, وفـي ما ياتي من احاديثه , اختلق سيف صحابياجليلا للرسول يترجم في كتب تراجم الـصـحـابـة , ورواية للحديث ,يبحث عنه في كتب معرفة الرواة , وشاعرا يدرس في كتب الادب , وسيدا من تميم يجدر بها ان تفتخر به . ج ـ واخـتـلـق مضافا الى ذلك حوادث لم تقع كصلاة المهاجرين مع ابي بكر في مسجد الرسول يوم وفـاته قبل اجتماع السقيفة ,وسماعهم اجماع الانصار على تولية سعد ونبذهم عهدالرسول ـيقصد به ان الرسول (ص ) كان قد عهد اليهم استخلاف ابي بكرـ كل ذلك مما تفرد بروايته سيف ومجال تحقيقه في بحث السقيفة ((135)).
على عهد ابي بكر
في الردة . اخـرج الطبري عن سيف في ذكر ردة هوازن من حوادث سنة11 ه ((136))ان علقمة بن علاثة الـكـلـبـي كان قد ارتد فارسل ابو بكر اليه القعقاع بن عمرو ليغير عليه فياسره او يقتله , ففرمنه عـلـقمة فاخذ القعقاع باهله الى ابي بكر, فاظهروا الاسلام وجحدوا ان يكونوا على راي عميدهم , فقبل منهم التوبة ولم يقتل منهم احدا. اخـرج هـذه الرواية الطبري عن سيف , ونقل منه كل من ابي الفرج وابن حجر في ترجمة علقمة , وابن الاثير ملخصا في تاريخه الكامل , هذه رواية سيف ومن اخذ منه اما من غيره فقدروى المدائني ان ابا بكر ارسل الى علقمة خالد بن الوليد فهرب منه الى ابي بكر واسلم فامنه ((137))
, اذن فان سـيـف بـن عـمراسند عمل خالد الى القعقاع ليختلق لبطل تميم الاسطوري فخرا,وعن سيف اخذ الطبري ومن الطبري اخذ من جاء بعده كماذكرنا. مناقشة السند: فـي سـند الحديث سهل وعبداللّه , وسهل عند سيف ـ هو ابن يوسف السلمي ويروي عنه في تاريخ الطبري سبعا وثلاثين رواية . وعـبـداللّه ـ عـنـد سـيف ـ هو ابن سعيد بن ثابت بن الجذع الانصاري يروي عنه سيف في تاريخ الـطـبـري سـت عـشـرة رواية ولما لم نجد لهما ذكرا في كتب تراجم الرواة والطبقات جاز لنا ان نعتبرهما من مختلقات سيف من الرواة . نتيجة البحث : ان لقصة علقمة حقيقة ثابتة في التاريخ , وليست كلها من نسج خيال سيف وما فعله سيف انما هو نسبة عمل خالد الى القعقاع حصيلة الحديث : ا ـ فخر لبطل تميم الاسطوري , ب ـ راوية للحديث اختلق هذا وذاك سيف في روايته . وفي غير قصة علقمة هذه وجدنا الحموي يقول في لغة بزاخة ((138))
: ((قال القعقاع بن عمرو يذكر يوم بزاخة : وافلتهن المسحلان وقد راى . بعينيه نقعا ساطعا قد تكوثرا. ويوما على ماء البزاخة خالد. اثار بها في هبوة الموت عثيرا. ومثل في حافاتها كل مثلة . كفعل كلاب هارشت ثم شمرا)) ((139))
. ويـكثر الحموي من استخراج الرجز من احاديث سيف , ويذكره في تراجم الاماكن غفلا عن ذكر اسم راويه , كما سنرى فيما ياتي ان شاء اللّه . لا نـدري كـيـف تـخـيل سيف , القعقاع في الابيات المذكورة ؟ اتخيله مشتركا في حروب خالد في الـبـزاخة وانه على اثر اشتراكه نظم هذه الابيات ؟ ام تخيله يصف تلك الحروب دون ان يشهدها؟ وهذاما نستبعده ولـم نـجـد غـيـر ما اوردنا ذكرا للقعقاع في حروب الردة , وفي غيرالردة اكثرت الموسوعات الـتاريخية التي تاخذ عن سيف من ذكربطولات القعقاع في الفتوح , اولها ما رواه سيف من مواقف له في حروب العراق . في العراق : اخـرج الـطـبري بسنده عن سيف في ذكر حوادث 12ه ((140))
ان خالد ابن الوليد لما فرغ من الـيـمـامـة امـره ابـو بـكر بالمسير الى العراق , كما امره ان ياذن لمن شاء من الجند بالرجوع الى اهـلـهـم ,فـارفـض عنه جيشه , فاستمد خالد من ابي بكر فامده بالقعقاع , فقيل له : ((اتمد رجلا قد ارفض عنه جنوده برجل ثـم ذكر الطبري للقعقاع في حروب خالد بالعراق بطولات واراجيز, اورد الحموي قسما منها في تراجم الاماكن بكتابه معجم البلدان , اولها ما ذكره في فتح الابلة ((141)) . روى الـطبري عن سيف ان ابا بكر امر خالدا ان يبدا بثغر اهل السند والهند, قال سيف : وهو يومئذ الابـلـة وذكـر فـي فتح الابلة :ان قائد الفرس هرمز واطا اصحابه على الغدر بخالد, ثم طلب منه الـمبارزة , فلما برز اليه خالد راجلا والتحما في القتال , حملت حامية هرمز على خالد ناوين الغدر بـه , وكـان القعقاع منتبها لهم ,فحمل عليهم , وفوت عليهم الغدر, وازاحهم فقتل خالد هرمزوانهزم الفرس . روى هذا الخبر الطبري عن سيف , ومن الطبري اخذ كل من ابن الاثير, والذهبي , وابن كثير, وابن خلدون , وما اوردوه في تواريخهم من امر بعث خالد الى العراق . ومـن الـحديث الاول اخذ ابن حجر ما اورده في الاصابة بترجمة القعقاع , حيث قال : استمد خالد ابا بكر ـ الى قوله ـ لا يهزم جيش . فيهم مثل هذا. هذا الخبر كان مصدره سيف , ومن سيف اخذ الطبري , ومن الطبري اخذ من اخذ وبعد نقل هذا الخبر روى الطبري عن سيف قصة طويلة في الفتح والغنائم , ثم قال : ((وهذه القصة في امر الابلة وفتحها خلاف ما يعرفه اهل السير, وخلاف ما جاءت به الاثار الصحاح , وانماكان فتح الابـلـة ايـام عـمـر (ره ), وعلى يدي عتبة بن غزوان في سنة اربع عشرة من الهجرة , وسنذكر امرها)). وعندما ذكر بناء البصرة في سنة 14ه اورد الاثار الصحاح التي وعد بها, وليس فيها ذكر مما رواه سيف هنا ((142)) . مناقشة السند. في سند الحديث المهلب بن عقبة ومحمد بن نويرة وعرفناهما من مختلقات سيف من الرواة . والـمـقـطـع بـن الهيثم بن فجيع العامري البكائي روى عنه سيف ثلاثة احاديث في تاريخ الطبري , وحـنـظـلـة بن زياد بن حنظلة روى عنه سيف حديثين في تاريخ الطبري ويغلب على الظن ان سيفا تخيله ابنا لبطله الاسطوري الصحابي المختلق زياد بن حنظلة . وعبدالرحمن بن سياه الاحمري روى عنه سيف في تاريخ الطبري سبعة احاديث . بـحـثنا عن هؤلاء الرواة في كتب الطبقات والتراجم والحديث ولم نجد لهم ذكرا في غير احاديث سيف , فجاز لنا ان نعتبرهم من . مختلقاته من الرواة . نتيجة المقارنة : ذكـر سـيف ان ابا بكر امد خالدا بالقعقاع في حرب العراق واثنى عليه , ولم يذكر ذلك غيره ونسب فـتـح الابـلة لخالد, وفي السنة الثانية عشرة , وفي عهد ابي بكر, بينما الفتح كان في السنة الرابعة عشرة , وفي عهد عمر, وعلى يدي عتبة بن غزوان ـوسياتي ان شاء اللّه بيان سبب هذا التغيير من سيف ـ وتفردسيف بذكر قتال خالد, ومن سمـاه بالهرمز قائد الفرس الى غيرذلك مما تفرد به , ومن الطبري اخذ ذلك من جاء بعده من المؤرخين , وقسم من تلك الاحاديث كان مرويا عن رواة اعتبرناهم من مختلقات سيف . حصيلة حديث سيف : ا ـ ثناء لبطل تميم الاسطوري من ابي بكر. ب ـ نبوءة للخليفة المضري في شان القعقاع : ((واللّه لا يهزم جيش فيه مثل هذا)). ج ـ فتح مدينة في العراق يضاف الى مفاخر بطل مضر. د ـ فخر لتميم في نجدة القعقاع لخالد. ه ـ اختراع رواة للحديث باسم المقطع بن الهيثم , ومحمد بن نويرة , وحنظلة ابن زياد, مما سندرسه فيما ياتي ان شاء اللّه ,والبركة في احاديث سيف
في الحيرة
المذار ((143)) والثني : وروى الـطبري ((144))عن سيف بعد فتح الابلة : ان هرمزكان قد استمد من ملك الفرس , فامده بـقـارن بـن قريانس , فبلغ المذار بعد الهزيمة ومقتل هرمز, فاجتمع الفلال بثني ـ وذكر ان العرب تـسـمـي كـل نـهر الثني ـ وقال : فالتقوا واقتتلوا على حنق وحفيظة , فقتل قارن , وقتل من الفرس ثلاثون الفا سوى من غرق . في الولجة : وروى سيف في امر الولجة : ان ملك الفرس لما بلغه الخبر,ارسل الاندرزغر فجمع عرب الضاحية والدهاقين , وارسل بهمن جاذويه مددا له , فبلغ خالدا خبرهم , فجاءهم وقاتلهم قتالا شديدااعظم من قتال الثني , فانهزمت صفوف الاعاجم , وقتلوا, وانهزم الاندرزغر, ومات عطشا في هزيمته , وقال : وبارز خالد رجلامن فارس يعدل بالف رجل , فقتله , فلما فرغ اتكا عليه ودعابغدائه قال . وكان ذلك في صفر من سنة اثنتي عشرة والولجة مما يلي كسكرمن البر. في اليس : وروى فـي خـبـر ((الـيس )): ان نصارى العرب وعرب الضاحية غضبوا لمن قتل منهم , فكاتبوا الـفـرس , فـجـاء الـيهم القائد الفارسي جابان بجيشه واجتمعوا باليس , واقتتلوا قتالا شديدا, وزاد كـلـبـهـم توقعهم المدد من ملكهم , فلى خالد ـ ان انتصر عليهم ـ الا يبقي منهم احدا يقدر عليه , وان يـجـري نـهـرهـم بـدمائهم , فلما انتصرعليهم منع عن قتل الاسرى , وامر بجلبهم من كل جانب , فـانـتـشـرالجيش يجلب الاسرى من جوانب اليس , فاقبلت الخيول بهم افواجا, مستاسرين يساقون , ووكـل بـهـم رجالا يضربون اعناقهم في النهر, ففعل ذلك بهم يوما وليلة , وطلبوهم الغد وبعد الغد حتى انتهوا الى النهرين , ومقدار ذلك من كل جانب اليس فضرب اعناقهم , فقال القعقاع واشباه له : ((ان الدماء لا تزيد على ان ترقرق منذ نهيت عن السيلان , وقالوا: ان الارض لما نشفت دم ابن ادم نهيت عن نـشف الدماء, ونهي الدم عن السيلان الا مقداربرده , فارسل الماء على الدم تبر يمينك , وقد كان صد الـماء عن النهر فاعاده , فجرى الماء دما عبيطا, وطحنت ارحاء كانت على النهر بالماء الاحمر قوت الـعـسـكـر ـ ثـمـانية عشر الفا او يزيدون ـ ثلاثة ايام , فسمي النهر ((نهر الدم )) لذلك , وبلغت قتلاهم سبعين الفا. ثـم ذكـر الطبري معارك كبيرة لخالد بنواحي الحيرة , وختم روايات سيف فيها بقوله ((145))
: وقال القعقاع بن عمرو في ايام الحيرة : سقى اللّه قتلى بالفرات مقيمة . واخرى باثباج النجاف الكوانف . فنحن وطانا بالكواظم هرمزا. وبالثني قرني قارن بالجوارف . ويوم احطنا بالقصور تتابعت . على الحيرة الروحاء احدى المصارف . حططناهم منها وقد كاد عرشهم . يميل بهم فعل الجبان المخالف . رمينا عليهم بالقبول وقد راوا. غبوق المنايا حول تلك المحارف . صبيحة قالوا نحن قوم تنزلوا. الى الريف من ارض العريب المقانف ((146)) . ويقصد سيف من هذه الابيات ان بطل اسطورته القعقاع افتخرببطولاته في حروب خالد مع هرمز في الكاظمة , ومع قارن في الثني , ومع نصارى العرب , ومسالح كسرى , وغيرهم في الحيرة . هذا بعض ما اورده الطبري عن سيف في معارك خالد بالحيرة ,ومن الطبري اخذ كل من ابن الاثير, وابن كثير, وابن خلدون في تواريخهم , واشار ابن كثير الى مصدريه : الطبري وسيف . ومـن سـيـف ايـضا اخذ الحموي ما اورده بترجمة (الثني ) وقال :(ويوم الثني لخالد بن الوليد على الفرس قرب البصرة مشهور,وفيه قال القعقاع : سقى اللّه قتلى بالفرات مقيمة ـ الى ـ وبالثني قرني قارن بالجوارف ).
الثني والثني مكانان اختلقهما سيف
اسـتـخـرج الحموي من روايات سيف ترجمة للثني (بالكسر) واوردفيها عن سيف شعرا وخبرا للقعقاع , كما اوردنا آنفا, واخرى للثني . (بـالفتح ) نسب فيها شعرا وخبرا لابي مفزر وسياتي تمام الخبرفي ترجمة ابي مفزر, ان شاء اللّه تعالى . ومـن سيف اخذ الحموي ـ ايضا ـ ما ذكره في ((الولجة ))وقال : (الولجة بارض كسكر موضع مما يلي البر, واقع فيه خالدبن الوليد. جيش الفرس فهزمهم , ذكره في الفتوح في صفر سنة 12, وقال القعقاع بن عمرو: ولم ار قوما مثل قوم رايتهم . على ولجات البر احمى وانجبا. واقتل للرواس في كل مجمع . اذا ضعضع الدهر الجموع وكبكبا ((147))
. انتهى . هذا ما ذكره الحموي , ومن الحموي اخذ عبدالمؤمن ما ذكره في ترجمة الثني , والولجة من مراصد الاطلاع . اما البلاذري فقد ذكر في امر المذار ((148))
ان المثنى بن الحارثة واقع مرزبان المذار فهزمه , وكـان ذلـك فـي عـصـر ابي بكر, وذكر في عصر عمر: ان عتبة بن غزوان اتى اليها فخرج اليه مرزبانها, فقاتله , فهزمه اللّه , وغرق عامة من معه , وضرب عتبة عنق المرزبان . والولجة , والثني ـ بكسر اوله وسكون ثانيه ـ لم نجد لهما ذكراعند غير سيف وذكـر الـبلاذري ((149))
في خبر اليس : ان خالد بن الوليد اتى اليس , فخرج اليه جابان عظيم العجم وصالحهم خالد على ان يكون اهل اليس عيونا للمسلمين على الفرس وادلاء واعوانا. وجـاءت قـصة الدم واليمين على ان يجريه , في الاشتقاق لابن دريد هكذا: قال ((ان المنذر الاكبر يـوم اوارة قـتـل بـكر بن وائل قتلا ذريعا, وكان يذبحهم على جبل , فالى ان يذبحهم حتى يبلغ الدم الارض , فـقال له الوصاف ـ الحارث بن مالك العجلي ـ:ابيت اللعن , لو قتلت اهل الارض هكذا لم يبلغ دمـهـم الـحـضيض ,ولكن تامر بصب الماء على الدم حتى يبلغ الدم الارض فسمي ـالحارث الوصاف لـذلـك )) انـتـهى نرى ان سيفا بلغته هذه العنجهية الجاهلية فاعجب بها ونسبها الى خالد بطل مضر لتذهب مضربفخر هذه المكرمة ((150)) . مناقشة السند: في سند الحديث عبدالرحمن بن سياه ومحمد بن عبداللّه والمهلب وهم ممن عرفناهم من مخترعات سيف من الرواة . وزياد بن سرجس الاحمري ويروي عنه سيف في تاريخ الطبري ثلاثا وخمسين رواية ولم نجد له ذكرا عند غيره فاعتبرناه من مخترعات سيف من الرواة , واسماء مجهولين آخرين واسماءمشتركة بين عدة رواة لم ندر من عناه سيف لنبحث عنه . نتيجة المقارنة : تفرد سيف برواية حديث ((الثني )) و ((الولجة )) واخرجه الطبري في تاريخه واسنده الى سيف , ومن الطبري اخذ من جاءبعده من المؤرخين . والحموي اورد موجز حديث سيف في الثني ولم يذكر مصدره ,وفي الولجة ذكر مصدره حيث قال : ((وفـي كـتـاب الـفـتـوح )) ويـقصدكتاب فتوح سيف , وكان عنده نسخة بخط ابن الخاضبة كما سنبينه في محله ان شاء اللّه . اما ((المذار)) و ((اليس )) فقد كان لهما وجود خارج حديث سيف غير انه ذكر فتحهما بتحريف , فـالـذي بـدا حرب المذار هو المثنى ,وثنى الحرب عليهم عتبة بن غزوان وضرب عنق مرزبانها, وفي اليس ذكروا ان خالدا صالحهم على ان يكونوا ادلاء وعيوناللمسلمين على الفرس , وسيف يذكر مـعركة هائلة وقسوة وفظاظة ,فهل كان الدافع لسيف ذكر بطولات لمضر فحسب , ام ان له مع هذا دافعا آخر, وهو بيان ان الاسلام انتشر بحد السيف واراقة الدماء لا بمساعدة الشعوب على حكامهم كما كان الواقع ؟ حصيلة الحديث : ا ـ قائد للفرس اسمه قارن بن قريانس ب ـ مكان اسمه (الثني ) وآخر اسمه ((الولجة )), يترجمان فـي الـكـتـب الـبلدانية ج ـ اربعة رواة للحديث : المهلب بن عقبة الاسدي , ابو عثمان يزيدبن اسيد الـغـسـاني , زياد بن سرجس الاحمري , عبدالرحمن بن سياه الاحمري , يضافون الى رواة الحديث ندرسهم فيما ياتي ان شاءاللّه تعالى د ـ رجز يضاف الى تراثنا الادبي التاريخي ه ـقتل بطل فارسي يـعدل بالف , واتكاء خالد عليه وتغديه في ساحة الحرب مما يعجب الاسطوريين ـ محبي الاساطير ـ والـمنقبيين الراغبين في تكثير مناقب السلف الصالح و ـ قتل عام استمراياما وليالي ممن يجلبون من الاراضـي الـقـريـبـة والـبـعـيدة ز ـطحن الارحية ثلاثة ايام قوت ثمانية عشر الفا او يزيدون بـالماءالاحمر من الدم ح ـ ثلاثون الف قتيل في معركة الثني وسبعون الفا في اليس مائة الف غير من غرق ط ـ مكرمة لبطل تميم القعقاع واشباهه ولولاهم لبقي خالد يضرب الاعناق على حد زعم سيف الـى مـا شاء اللّه , وهذا ما يعجب به اعداء الاسلام الذين يرغبون ان يسمعوا كثرة القتلى في الفتوح الاسلامية , كل هذا من بركة احاديث سيف
خبر ما بعد الحيرة
. روى الـطـبـري عن سيف في خبر ما بعد الحيرة : ان اهل بانقياوبسما صالحوا خالد بن الوليد على عشرة آلاف دينار سوى ماكان . لكسرى , وكتب لهم كتابا شهد فيه القعقاع وغيره . وروى بـعـده : انـه لما استقام الامر بين اهل الحيرة وخالد صالحه الدهاقين على ما بين الفلاليج الى هـرمـز جـرد على الفي الف سوى ما على بانقيا وبسما, واستثنى من الصلح ما كان لال كسرى ,وفي حديث آخر قال : الف الف درهم وفي الروايتين ذكر كتاب صلح خالد لهم وفيه شهادة القعقاع وغيره . وذكر بعد ذلك ان خالد بن الوليد ولى القعقاع في من ولى على الثغور, وذكر انه شهد في كتاب براءة خالد لاهل الخراج . اخـرج هـذه الـروايـات الطبري عن سيف , ومن الطبري اخذ كل من ابن الاثير, وابن كثير, وابن خـلـدون فـي تـواريـخـهـم , واسـتخرج منها ثلاثة كتب صاحب كتاب مجموعة الوثائق السياسية ((151))في كتابه . وفـي غير رواية سيف وقع صلح بانقيا على الف درهم , ولا ذكرعندهم للقعقاع وشهادته , ولا ذكر لصلح فلاليج الى هرمز جردعندهم , بل قالوا: ليس لاحد من اهل السواد عهد الا اهل الحيرة واليس وبـانـقـيـا, وليس في التواريخ ذكر لتولية الولاة على الثغور,ولا لكتاب براءة خالد لاهل الخراج ((152)) .