مناقشة السند: في سند الحديث محمد والمهلب ممن عرفناهم من مختلقات سيف , وعصمة بن الحارث من مختلقاته من الـصـحـابـة تـاتـي ترجمته ان شاء اللّه , والنضر بن السري ويروي عنه سيف في الطبري اربعة وعـشـريـن حديثا, والرفيل وابن الرفيل ويروي عنهما في الطبري عشرين حديثا, ولم نجد لهم ذكرا عند غيرسيف , ورجل , ورجل من بني الحارث , ولا نعلم ما اسم هذين الرجلين لنبحث عنهما؟ ولا ارى سيفا الا هازئا عندما اسند الى رجل ورجل والرفيل وابن الرفيل . روى سيف هذه الاحاديث واخذ منه الطبري , ومن الطبري اخذمن جاء بعده . نتيجة البحث وحصيلة الحديث : سـمـى كـتـيبتي الاخوين التميميين بالخرساء والاهوال , وذكرهما في حديث عبور دجلة وحديث دخول مدائن كسرى , وقال : ان الكتيبتين سبقت غيرهما بدخولهما وان البارقي شهد في حق القعقاع ان الـنساء عجزن ان يلدن مثله , وان القعقاع اتبع الفارين ,وقتل حميهم , ووقع في سلب بطل تميم سلاح كسرى , وهرمز,وقباذ, وفيروز, وبهرام شوبين , وسياوخش من ملوك الفرس وخاقان ملك الترك , وداهـر ملك الهند, وهرقل قيصر الروم ,ونعمان ملك العرب القحطاني , ولا فخر فوق هذا, جاءت تميم بسلب ملوك العالم اجمع ,. اعظم بسيف الذي كسب هذا الفخر لقبيلته تميم وبطن عمروخاصة
في جلولاء
روى الطبري عن سيف ان الخليفة عمر امر سعدا بان يرسل هاشما الى جلولاء, ويجعل على مقدمته الـقـعـقاع , وان هزم اللّه الفرس يجعل القعقاع على الحدود بين السواد والجبل , فلما انتهى هاشم الى جـلـولاء, وجـد الـفـرس تـحـصنوا بخندق حفروه حولهم ,وبثوا حوله حسك الحديد, وكانوا لا يخرجون منها الااذا ارادوا,وزاحفهم المسلمون نحو ثمانين يوما, ثم جعلوا لخيلهم وجهايخرجون مـنـه الـى المسلمين , فزحف القعقاع الى باب خندقهم من ذلك الوجه فاخذ به , وامر مناديا فنادى : يا مـعـشـر الـمسلمين الـمـسلمين , فحملوا, وهم لايشكون بان هاشما في الخندق ,واذا هم بالقعقاع بن عمرو قد اخذ به , فـانـهـزم المشركون يمنة ويسرة , فهلكوا فيما اعدوا من حسك الحديد, وقتل منهم يومئذ مائة الف , فجالت القتلى الارض , فسميت جلولاء بما جللت من قتلاهم ,ثم خرج القعقاع في آثارهم الى خانقين , فادرك سبيا من سبيهم ,وقتل مقاتلة من ادرك , وقتل مهران ثم اقبل الى قصر سيرين على راس فرسخ مـن حـلوان , فخرج اليه دهقان حلوان فقتل , واستولى المسلمون على حلوان , ولم يزل القعقاع هناك عـلـى الثغر والجزاءالى ان تحول سعد من المدائن الى الكوفة , فلحق به , واستخلف على الثغر, قباذ الخراساني . وقـال الـحـمـوي بترجمة جلولاء: نهر عظيم يمتد الى بعقوبا,ويجري بين منازل اهلها, وبها كانت الـوقـعـة الـمـشـهـورة عـلـى الـفـرس لـلـمـسـلمين سنة 16, فاستباحهم المسلمون , فسميت ((جلولاءالوقيعة )) لما اوقع بها المسلمون , قال سيف : قتل اللّه عز وجل من الفرس يوم جلولاء مائة الف , فجللت القتلى المجال , فسميت جلولاء لما جللّه ا من القتلى , قال القعقاع بن عمرو: ونحن قتلنا في جلولا اثابرا. ومهران اذ عزت عليه المذاهب . ويوم جلولاء الوقيعة افنيت . بنو فارس لما حوتها الكتائب ((192)) . والشعر فيها كثير, انتهى . وقال في ترجمة حلوان : وكان قد فتح حلوان في سنة 19, وفي كتاب سيف في سنة 16 وقال القعقاع بن عمرو التميمي : وهل تذكرون اذ نزلنا وانتم . منازل كسرى والامور حوائل . فصرنا لكم ردءا بحلوان بعدما. نزلنا جميعا والجميع نوازل . فنحن الالى فزنا بحلوان بعدما. ارنت على كسرى الاما والحلائل ((193)) . ولم يخرج الطبري حديث غير سيف في فتح جلولاء الى حلوان ,وروى قصة الحرب خلافا للواقع الـذي ذكـره الـدينوري والبلاذري ,فقد ذكرا: ان الزحف كان في يوم واحد, واقتتلوا يومهم ذلك كـله الى الليل حتى اذا اصفرت الشمس انزل اللّه على المسلمين نصره ,وهزم عدوهم , فقتلوهم الى الـلـيـل , واغـنمهم اللّه عسكرهم , وذكرسيف ان المسلمين زاحفوهم نحو ثمانين يوما, وذكر ان الـقـعـقاع عين على الثغر, بينما ذكر ان جرير بن عبداللّه البجلي عين على جلولاء في اربعة آلاف فارس , وهو الذي فتح حلوان . مناقشة السند: فـي سند الحديث محمد والمهلب وزياد ممن عرفناهم من مختلقات سيف , وعبيد اللّه بن المحفز عن ابـيـه ويـروي عـنـه سـيـف فـي الـطـبـري ستة احاديث , والمستنير بن يزيد ويروي عنه في الـطـبري ثمانية عشر حديثا, وبطان بن بشر ويروي عنه حديثا واحدا,وحماد بن فلان البرجمي عـن ابـيـه , ويروي عنه في الطبري حديثين ولم اجد لهم ذكرا عند غير سيف ولست ادري اكان سيف جادا حين روى الحديث عن حماد بن فلان عن ابيه ام كان هازلا نتيجة المقارنة : روي الـطـبري عن سيف في واقعة جلولاء وتسميتها وعدد القتلى فيها ما لم يذكره غيره , واخرج الحموي بعض ذلك مع نزر من الشعر الذي نسبه الى القعقاع بترجمة جلولاء وقال : وفي كتاب سيف , الـشـعر فيها وفي حلوان كثير, والطبري جريا على عادته لم يخرج تلك الاشعار الكثيرة , وذكر الوالي على الثغر, والفاتح لحلوان القعقاع بن عمرو التميمي المضري بينما جرير بن عبداللّه البجلي القحطاني , هو الفاتح لحلوان الى قرمسين , ذكر جميع ذلك الطبري عن سيف , ومن الطبري اخذ ابن الاثير وابن كثيروابن خلدون في تواريخهم . حصيلة الحديث : ا - مكرمة للقعقاع في اقتحام خندق المشركين . ب - قتل مهران . ج - فتح حلوان . د - ولاية على الثغر. ه - مائة الف قتيل يضاف الى قتلى الفتوح الاسلامية . في الشام ثانية : روي الطبري عن سيف في حوادث السنة السابعة عشرة , ان اباعبيدة بن الجراح استمد من الخليفة عمر, فكتب الى سعد: ان اندب الناس مع القعقاع بن عمرو, وسرحهم من يومهم الذي ياتيك فيه كتابي , فان ابا عبيدة قد احيط به , فمضى القعقاع في اربعة آلاف من يومهم , ولما بلغ جيوش المشركين خبر تـحـرك الامـدادالـى ابي عبيدة تفرقوا الى بلادهم , وفتح اللّه على ابي عبيدة مدينة حمص , وقدم الـقـعقاع بن عمرو بعد الواقعة بثلاثة ايام , فكتبوا الى عمر بالفتح , وبقدوم المدد عليهم بعد ثلاث , والـحـكـم فـي ذلـك , فـكتب اليهم ان اشركوهم , فانهم قد نفروا اليكم , وتفرق لهم عدوكم ,وقال : ((جزى اللّه اهل الكوفة خيرا يكفون حوزتهم ويمدون اهل الامصار)). وروي ابـن عـسـاكر عن سيف بترجمة القعقاع من تاريخه وقال :قال القعقاع بن عمرو في حمص الاخرة : يدعون قعقاعا لكل كريهة . فيجيب قعقاع دعاء الهاتف . سرنا الى حمص نريد عدوها. سير المحامي من وراء اللاهف . حتى اذا ملنا دنونا منهم . ضرب الالـه وجوههم بصوارف . مازلت (ارميهم ) واطرد فيهم . واسير بين صحاصح ونفانف . حتى اخذنا جرم حمص عنوة . بعد الطعان وبعد طول تسايف ((194)) . اخـرج البيت الاول منه بترجمة القعقاع من الاصابة , وذكر سنده الى سيف , والطبري حذف الرجز جـريـا عـلـى عـادتـه , والـحـموي لم يعتمد على رواية سيف بترجمة حمص , ليخرج لنا حديثه وشـعره ,وما عدا الحموي كل ما ذكروه كان من حديث سيف , بينما قال غيره : ان تميما لم يشتركوا في فتوح الشام كما اشرنا الى ذلك سابقا روي ذلك الطبري عن سيف , وعن الطبري اخذ من جاءبعده ((195)) . مناقشة السند: في سند الحديث محمد والمهلب ممن عرفناهم من مختلقات سيف . نتيجة البحث والمقارنة : تفرد سيف بذكر واقعة حمص الثانية , وما ذكر فيها, لم يذكر شيئامن ذلك ابن اسحاق , والبلاذري وغيرهما. حصيلة الحديث : ا ـ مفخرة للقعقاع واهل الكوفة بلد سيف , فان خبر تحركهم ضعضع العدو ونصر المسلمين . ب ـ حديث من عمر ((جزى اللّه اهل الكوفة خيرا يكفون حوزتهم , ويمدون اهل الامصار)). ج ـ رجـز مـن القعقاع , وبذلك اثبت انهم يدعون قعقاعا لكل كريهة وانه يجيب دعاء الهاتف , وان اهل الكوفة يكفون حوزتهم ,ويمدون اهل الامصار.
في نهاوند
لم نجد عند الطبري وغيره كيف تخيل سيف رجوع القعقاع وجيش الكوفة الى العراق , وانما روي الـطـبـري عـن سـيـف فـي ذكـرحـرب نـهـاوند, انها وقعت في سنة ثماني عشرة وان الفرس كـانوامتحصنين لا يخرجون الا اذا ارادوا الخروج والمناجزة , وطال ذلك على المسلمين , فارسل الـقـائد الـعـام الـنعمان بن مقرن القعقاع بن عمرو, وكان على المجردة , فانشب القتال , فلما ناوشوه نكص ,ثم نكص , فتبعوه , وابتعدوا عن حصنهم وخنادقهم , ولم يبق منهم الا من يقوم لهم على الابواب , وكان المسلمون على تعبية , فلمااذن لهم اميرهم بالقتال اقتتلوا قتالا شديدا, وقتل من الفرس ماطبق ارض المعركة دما يزلق الناس والدواب , فلما اظلم الليل عليهم انهزم المشركون , وقد عمي عليهم قصدهم , فتركوه , واخذوانحو اللّه ب الذي كانوا نزلوا دونه , فوقعوا فيه وكلما وقع فيه احدقال : (وايه خرد) فسمي الوادي ((وايه خرد)) الى اليوم , فمات فيه مائة الف او يزيدون سوى من قتل مـنـهـم فـي الـمـعـركـة اعـدادهـم , ولم يفلت منهم غير الشريد, وفر الفيرزان مع الشريد الى هـمـذان ,فـادركه القعقاع في ثنية همذان , والثنية مشحونة من بغال وحميرموقرة عسلا, فحبسه الـدواب , فـترجل , وصعد في الجبل فتبعه القعقاع وقتله , فسميت الثنية بذلك ((ثنية العسل )) وقال الـمـسلمون ((للّه جنود من عسل )) ومضى الفلال حتى انتهوا الى مدينة همذان , وتبعهم المسلمون , وحـووا مـا حول همذان , فلما راى ذلك اهل همذان استامنوا المسلمين فاجابوهم الى ذلك وامنوهم , فـلـما بلغ الخبر اهل الماهين بان همذان قد اخذت , ونزلها نعيم بن مقرن والقعقاع بن عمرو, اقتدوا بـاهـل همذان , وطلبوا الامان , فاجابوهم الى ذلك , وكتبوا لهم كتاب امان شهد فيه القعقاع بن عمرو قال :وسمي هذا الفتح - اي فتح نهاوند - بفتح الفتوح . هـذه خـلاصـة ما يرويه الطبري عن سيف في فتح نهاوند, ومن الطبري اخذ من جاء بعده , مثل ابن الاثير, ابن خلدون , وغيرهم . اما الحموي فقد ذكر رواية سيف هذه موزعة في تراجم نهاوندو((وايه خرد)) و((ماهان )) قال في ترجمة نهاوند: (فسمـاهاالمسلمون فتح الفتوح , فقال القعقاع بن عمرو المخزومي ((196))
: رمى اللّه من ذم العشيرة سادرا. بداهية تبيض منها المقادم . فدع عنك لومي لا تلمني فانني . احوط حريمي والعدو الموائم . فنحن وردنا في نهاوند موردا. صدرنا به والجمع حران واجم ((197)) . وقال ايضا: وسائل نهاوندا بنا كيف وقعنا. وقد اثخنتها في الحروب النوائب . وقال ايضا: ونحن حبسنا في نهاوند خيلنا. لشر ليال انتجت للاعاجم . فنحن لهم بينا وعصل سجلها. غداة نهاوند لاحدى العظائم . ملانا شعابا في نهاوند منهم . رجالا وخيلا اضرمت بالضرائم . وراكضهن الفيرزان على الصفا. فلم ينجه منها انفساح المخارم ((198)) . وقال في ((وايه خرد)): (وايه خرد: واد قرب نهاوند, كانت عنده وقعة فتردى فيها العجم , فكان احـدهـم اذا وقـع فيها قال : وايه خرد,فسميت بهذا الاسم ) كذا ذكره صاحب الفتوح , وقال القعقاع بن عمرو: الا ابلغ اسيدا حيث سارت ويممت . بما لقيت منا جموع الزمازم . غداة هووا في ((واي خرد)) فاصبحوا. تعودهم شهب النسور القشاعم . قتلناهم حتى ملانا شعابهم . وقد افعم اللّه ب الذي بالصرائم ((199)) . وقد ذكرها في موضع آخر من شعره فقال : ويوم نهاوند شهدت فلم اخم . وقد احسنت فيه جميع القبائل . عشية ولى الفيرزان موايلا. الى جبل آب حذار القواصل . فادركه منا اخو الهيج والندى . فقطره عند ازدحام العوامل . واشلاؤهم في ((واي خرد)) مقيمة . تنوبهم عيس الذئاب العواسل ((200)) . وقال في ماهان : (والعرب تسميها بالجمع فتقول الماهات ) وقال القعقاع بن عمرو: جدعت على الماهات آنف فارس . بكل فتى من صلب فارس خارد. هتكت بيوت الفرس يوم لقيتها. وما كل من يلقى الحروب بثائر. حبست ركاب الفيرزان وجمعه . على فتر من جرينا غير فاتر. هدمت بها ((الماهات )) والدرب بغتة . الى غاية اخرى الليالي الغوابر ((201)) . وقال ايضا: هموا هدموا ((الماهات )) بعد اعتدالها. بصحن ((نهاوند)) التي قد امرت . بكل قناة لدنة برمية . اذا اكرهت لم تنثن واستمرت . وابيض من ماء الحديد مهند. وصفراء من نبع اذا هي رنت ((202)) . هـذا كـلـه فـي روايـة سـيف , وفي رواية البلاذري والدينوري كان القائد الفارسي مروان شاه ذا الـحـاجـب , وقـال الـدينوري في كيفية اخراج الفرس من خنادقهم : (ان عمرو بن معديكرب اشار على نعمان ان يشيع وفاة الخليفة ويرتحل بجميع من معه , ففعل ذلك ,وتباشرت الاعاجم وخرجوا في آثار المسلمين فاقتتلوا ) الحديث . روي الطبري ان غير سيف قال : افتتحت نهاوند سنة احدى وعشرين وقال سيف افتتحت سنة ثماني عشرة . وذكـر الـبـلاذري عـن مقتل القائد الفارسي : انه سقط عن بغلته فانشق بطنه فمات , وذكر ان فتح همذان كان على يد جرير البجلي القحطاني : اما كلمة ((للّه جنود من عسل )) فالمشهور ان معاوية قالها عندمااغتال مالك الاشتر الهمداني بالسم الـمـداف بالعسل كما في ترجمة بعلبك من معجم البلدان , وقال ابن كثير في (7 - 312): ان معاوية وعـمـرو قالا ذلك بعد قتل مالك بالسم , وفي الطبري (1 -3242): ان عمرو بن العاص قال ذلك بعد قتل مالك . وبقية ما ذكره سيف فانه تفرد بروايتها وليس عند غيره شي ءمنها. مناقشة السند: فـي سـنـد الـحديث محمد والمهلب ممن عرفناهم من مختلقات سيف و(عروة بن الوليد, وابو معبد العبسي , عمن حدثهم من قومهم )ولم . نـجـد لـعروة وابي معبد ذكرا في غير حديث سيف هذا, وكيف السبيل الى معرفة ((من حدثهم من قومهم )؟. نتيجة المقارنة : بـدل سـيف اسم القائد الفارسي , وحرف ذكر واقعة اخراج الفرس من خنادقهم , وغير سنة الواقعة ولعله واقعة ثنية العسل تغطية لفعل . معاوية المضري وقوله
حصيلة الحديث
ا ـ مكرمة لبطل تميم في اخراج الفرس من خنادقهم . 2 ـ مائة الف قتيل او يزيدون في ((وايه خرد)). ج ـ اعدادهم من قتلى المعركة فيبلغ عدد القتلى مائتي الف . د ـ اختلاق القائد الفيرزان . ه ـ اختلاق معركة ثنية العسل مكرمة للقعقاع . و ـ نسبة فتح همذان الى بطل تميم وصاحبه المضري . ز ـ اراجيز للقعقاع تضاف الى ثروتنا الادبية . ح ـ اضافة مكان اسمه ((وايه خرد)) في تراجم البلاد. ط ـ اضافة ما يزيد على مائة الف قتيل الى قتلى الفتوح الاسلامية . ي ـ كتاب صلح يدرس في الوثائق السياسية . الخلاصة : كـان الـقعقاع بطل المسلمين في الفتوح , وذا رايهم في المكائد,وراجزهم في الحروب , ملا بطون الكتب ذكره وطبقت الخافقين شهرته , وكانت نهاية اعماله ما رواه الطبري عن سيف في حوادث سنة 34 - 35هـ ان عـثمان ولاه الحرب على الكوفة ,والكوفة كانت عاصمة القسم الشرقي من البلاد الاسـلامـيـة , وعـلى هذا فمرد حديث سيف انه عينه وزيرا للحرب على القسم الشرقي من البلاد الاسلامية , وبعد هذا كان رجل الخير وسفير الاصلاح في الفتن عصر الصهرين كما ياتي .
في الفتن
روي الـطـبري عن سيف وقال : لما راى القعقاع اجتماع السبئية في مسجد الكوفة , وكانوا يريدون خـلع عثمان , انقض عليهم القعقاع وسالهم عن شانهم فاخفوا امرهم , وقالوا: نطلب عزل الوالي سعيد, فقال القعقاع : اما هذا فنعم , ومنعهم من الجلوس في المسجد, وروى . ان مـالـك الاشـتـر لما استخف المفتونين وهيجهم ليمنعوا الوالي سعيدا من دخول الكوفة , قام نائب الوالي عمرو بن حريث وخطب فيهم ينصحهم وينهاهم , فقال له القعقاع : اترد السيل عن عبابه ,فاردد الـفـرات , عن ادراجه , هيهات عـجـيـج الـعـبدان , ويتمنون ماهم فيه , فلا يرده واللّه عليهم ابدا, فاصبر, فقبل ابن حريث نصحه وتحول الى داره ((203)) . وروى ايـضـا ان يـزيد بن قيس لما استعوى الناس على سعيد في المسجد واخذ يتكلم على عثمان , فاقبل القعقاع واخذه وقال له : هل لك غير الاستعقاء شي ء, فانا نفعل . وروى ان عـثـمـان لـمـا حـوصـر, كـتـب عثمان الى اهل الامصاريستمدهم , فخرج القعقاع من الكوفة ((204))
, وروي ان المحاصرين لعثمان لما بلغهم تهيؤ اهل الافاق لنصرة عثمان ,معاوية من الـشام , والقعقاع من الكوفة الخ , شددوا الحصارعليه فقتلوه , فلما بلغ القعقاع خبر قتل عثمان , رجع ومن سار معه لاغاثة عثمان حتى دخل الكوفة . وروى ايضا عن سيف : ان علي بن ابي طالب لما استقر راي اهل الكوفة على الذهاب معه الى البصرة وثـبـطـهـم ابو موسى الاشعري وكان يومذاك اميرا على الكوفة من قبل عثمان - ثارفي وجه ابي مـوسـى زيـد بـن صـوحان , وترادا الكلام , فقام القعقاع فقال : اني لكم ناصح وعليكم شفيق , احب ان تـرشدوا, ولاقولن لكم قولا هو الحق , اما ما قال الامير فهو الامر لو ان اليه سبيلا, واماما قال زيد فزيد. فـي هذا الامر ((205)) فلا تستنصحوه ((206))
, والقول : انه لابد من امارة تنظم الناس وتزع الـظـالـم وتـعـز الـمـظـلـوم , وهـذا عـلـي يلي بما ولي , وقد انصف في الدعاء, وانما يدعو الى الاصلاح ,فانفروا وكونوا من هذا الامر بمراى ومسمع ((207)) . وروى ان الـقعقاع كان من رؤساء اهل الكوفة الذين التحقوا بعلي ,وانه لما التحقوا بعلي في ذي قار, دعـا عـلي القعقاع بن عمرو,فارسله الى اهل البصرة وقال له : الق هذين الرجلين يا ابن الحنظلية - قـال سـيـف : وكـان القعقاع من اصحاب النبي (ص ) -فادعهما الى الالفة والجماعة , وعظم عليهما الـفرقة , وقال له :وكيف تصنع فيما جاءك منهما وليس عندك وصاة ؟ قال : نلقاهم بالذي امرت به , فاذا جاء منهما امر ليس عندنا منك فيه راي ,اجتهدنا راينا وكلمناهم على قدر ما نسمع ونرى انه ينبغي , قال علي : انت لها فاخرج . فـلـمـا ذهـب الـقـعقاع اليهم وكلمهم , قبلت ام المؤمنين ووافق طلحة والزبير, وقالوا له : احسنت واصـبـت , واشـرف الـقوم على الصلح ((208))
, فلما رجع القعقاع منهم بالصلح , قام علي وخطب وقال في خطبته : الا واني مرتحل غدا فارتحلوا, ولا يرتحلن معنا من اعان على عثمان (رض ) بشي ء وليغن السفهاء عني انفسهم الخ . فـاجـتـمـع السبئيون وتشاوروا, فاشار عليهم ابن سبا ينشبوا القتال ليلا دون علم غيرهم , وتقابل الـجـيشان , واخبر علي وطلحة والزبير رؤساء اصحابهم بما قرروا من الصلح , فباتوا على الصلح , فثار السبئيون بالغلس وانشبوا القتال بين الجيشين دون علم غيرهم . وقع القتال , ومر القعقاع في نفر بطلحة وهو يقول : الي عباد اللّه الصبر الصبر انك لجريج , وانك عما تريدلعليل , فادخل الابيات . وقال القعقاع للاشتر يؤلبه يومئذ: هل لك في العود؟ فلم يجبه ,فقال : يا اشتر منك , ((209))
فحمل القعقاع وهو يرتجز ويقول : اذا وردنا آجنا جهرناه ((210)) . ولا يطاق ورد ما منعناه . وروي ان آخر من قاتل ذلك اليوم زفر بن الحارث , فرحف اليه القعقاع , فلم يبق حول الجمل عامري مـكـتهل الا اصيب , يتسرعون الى الموت , فامر القعقاع بالجمل فعقر, وقال لمن يليه : انتم آمنون , ثم قـطع هو وزفر بطان البعير, وحملا الهودج فوضعاه على الارض , ثم اطافا به , وفر من وراء ذلك الـنـاس , فـوضعت الحرب اوزارها وكان هذا بفضل القعقاع المضري ثم التميمي العمري , فالى تميم ينتهي الفخر في الجمل اولا وآخرا. وروى الطبري عن سيف محاورة بين القعقاع وعائشة ام المؤمنين , فقالت : واللّه لوددت اني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة , وان عليا. ايضا قال كذلك , فكان قولهما واحدا. وروى ان عـلـيـا ارسـل القعقاع الى رجلين كان احدهما انشد على باب دار عائشة : جزيت عنا امنا عقوقا وقال الاخر: يا امنا توبي فقد خطئت وامـره ان يـضـرب اعـنـاقـهـمـا ثـم قـال لانـهكنهما عقوبة ثيابهما ((211)) . * * *. كـان هـذا مـوجـز ما رواه الطبري عن سيف في واقعة الجمل وسوابقها وموقف القعقاع فيها, ومن الـطبري اخذ ابن الاثير, وابن كثير, وقال : ذكر سيف بن عمرو - الى قوله - هذا ملخص ماذكره ابو جعفر, وابن خلدون , وقال : هذا امر الجمل ملخصا من كتاب ابي جعفر الطبري ((212)) . ومنه ـ ايضا ـ اخذ غيرهم مثل ميرخواند في روضة الصفا. ويـحتاج كشف زيفها الى تفصيل يضيق عنه المقام , وقد ذكرناقسما مهما من ذلك في فصل ((عصر الصهرين )) من كتاب ((احاديث ام . المؤمنين عائشة )) ونخرج منه هاهنا شيئا يسيرا ليكشف عن جانب من تحريف سيف للواقعة :
حديث غير سيف
روي الـطبري في استنفار اهل الكوفة , ان امير المؤمنين عليا بعث هاشم بن عتبة الى الكوفة ومعه كـتاب الى موسى ليشخص الناس الى علي , فلما ابى من ذلك , بعث ابنه الحسن وعمار بن ياسروعزل ابا موسى فدخلا المسجد وخطبا ونفرا الناس , فاجابوا الى ذلك , وخرج من الكوفة زهاء اثني عشر الف رجل . وذكـر فـي نـزول علي البصرة انهم اقاموا ثلاثة ايام لم يكن بينهم قتال , يرسل اليهم علي يوكلمهم ويردعهم ((213)) . ولـم يذكر الطبري ما دار بينهم من كتب ومحاججات في الايام الثلاثة , وانما ذكر بعضها ابن قتيبة وابن اعثم والرضي , منهاالكتاب الاتي الذي كتبه الى طلحة والزبير قال فيه : ((امـا بـعـد فقد علمتما - وان كتمتما - اني لم ارد الناس حتى ارادوني , ولم ابايعهم حتى بايعوني , وانـكـمـا مـمـن ارادنـي وبايعني ,وان العامة لم تبايعني لسطان غالب ولا لعرض حاضر, وان كنتما بايعتماني طائعين فارجعا وتوبا الى اللّه من قريب , فان كنتمابايعتماني كارهين فقد جعلتما لي عليكما الـسـبـيـل بـاظـهـاركـمـا الـطـاعـة ,واسراركما المعصية , ولعمري ما كنتما باحق المهاجرين بـالتقية والكتمان , وان دفعكما هذا الامر من قبل ان تدخلا فيه كان اوسع عليكما من خروجكما منه بـعـد اقـراركـمـا به , وقد زعمتما اني قتلت عثمان فبيني وبينكما من تخلف عني وعنكما من اهل الـمدينة , ثم يلزم كل امرئ بقدر ما احتمل , فارجعا ايها الشيخان عن رايكما,فان الان اعظم امركما العار من قبل ان يتجمع العار والنار,والسلام )). ثـم ارسل ابن عباس الى الزبير خاصة وقال له : ((لا تلقين طلحة ,فانك ان تلقه تجده كالثور عاقصا قرنه يركب الصعب ويقول : هوالذلول , ولكن الق الزبير فانه الين عريكة , فقل له : يقول لك ابن خالك : عـرفـتـني بالحجاز وانكرتني بالعراق , فما عد مما بدا؟)) قال ابن عباس : قلت الكلمة للزبير, فلم يزدني على ان قال : قل له ((انا مع الخوف الشديد لنطمع )) وقال لي ابنه عبد اللّه : قل له :بيننا وبينك دم خليفة , ووصية خليفة , واجتماع اثنين وانفراد واحد,وام مبرورة , ومشاورة العامة , قال : فعلمت انه ليس وراء هذاالكلام الا الحرب , فرجعت الى علي فاخبرته ((214)) .