وروى الطبري عن سيف ان ابا بكر كان قد بعث خالدا الى اسفل العراق , وعياض بن غنم الفهري الى اعـلاهـا, فـفـتح خالد ما فتح من العراق اما عياض فانه حاصره الفرس فاستنجد بخالد, فخلف خالد الـقـعـقـاع على اهل الحيرة وذهب لاغاثة عياض , فاجتمع الفرس وعرب ربيعة بالحصيد ليواقعوا الـمـسلمين , فاستغاثوابالقعقاع في الحيرة , فامدهم بجيش , ولما رجع خالد الى الحيرة ارسل القعقاع لحرب من اجتمع من عرب الجزيرة والفرس في الحصيد, فالتقى بهم , وقاتلهم , وقتل القائد الفارسي روزمهر,وعصمة بن عبداللّه قتل روزبه . هـذا مـا رواه الطبري عن سيف , ومن الطبري اخذ كل من ابن الاثير, وابن كثير, وابن خلدون في تواريخهم . ونقلنا في مقدمة كتابنا ((عبداللّه بن سبا)) عن ابن الاثير قوله : انه اخذ ما يتعلق باصحاب رسول اللّه عن الطبري ولم يضف اليه شيئا. وعن ابي الفداء قوله : انه اختار تاريخه واختصره من تاريخ ابن الاثير. وعـن ابن خلدون قوله : ان الكلام في الخلافة الاسلامية وما كان فيها من الردة والفتوحات اوردها ملخصة من تاريخ الطبري . اما ابن كثير فانه غالبا ما يذكر في كل خبر مصدره الطبري اويذكر سيفا وحده . وعلى هذه الرواية اعتمد الحموي بترجمة ((الحصيد)) حين قال :((واد بين الكوفة والشام اوقع بـه الـقـعـقاع بن عمرو في سنة 31بالاعاجم ومن تجمع اليهم من ربيعة وتغلب وقعة منكرة , فقتل في المعركة روزمهر وروزبه مقدماهم , فقال القعقاع بن عمرو: الا ابلغا اسماء ان خليلها. قضى وطرا من روز مهر الاعاجم . غداة صبحنا في ((الحصيد)) جموعهم . بهندية تفري فراخ الجماجم ((153))
)). هـذا مـا ذكـره سيف ومنه اخذ الطبري ومن جاء بعده , ولم يذكرغيره عياضا مع خالد في العراق , وانما ذكروه في الشام ومع ابي عبيدة , ولم نجد ذكر الحصيد وحربها عند غير سيف مناقشة السند: في سند الحديث محمد والمهلب وزياد ممن عرفناهم من مختلقات سيف من الرواة . والغصن بن قاسم الكناني ويروي عنه سيف ثلاثة عشر حديثا في تاريخ الطبري . وابن ابي مكنف , ولم نجد لهما ذكرا في كتب تراجم الرواة والطبقات . ورجـل مـن بـنـي كنانة ولا نعلم ماذا تخيل سيف اسم هذا الرجل الكناني , لنبحث عنه وحق لنا ان نعتبرهم بعد ذلك من مختلقات سيف من الرواة .
حصيلة الحديث
ا ـ ثلاثة كتب معاهدة وصلح تدرس في الوثائق السياسية الاسلامية . ب ـ مكان يترجم في كتب البلدانيات . ج ـ شعر يجدر درسه في كتب الادب . د ـ مـفـخرة تضاف الى مفاخر بطل تميم القعقاع وكل ذلك له وجه في اختلاقه , ولكن ما وجه ذكر عـيـاض فـي حـروب خالدبالعراق حين كان مشتركا في حروب ابي عبيدة بالشام , ان لم تكن الغاية تحريف التاريخ الاسلامي بدافع الزندقة او غيره ؟ مصيخ بني البرشاء: روى الطبري عن سيف ان الفرس والعرب انهزموا بعد الحصيدمن الخنافس الى المصيخ واجتمعوا بها وان المصيخ تقع بين حوران والقلت , وقال : ولما انتهى خبرهم الى خالد كتب الى القعقاع وابي ليلى بـن فـدكي , واعبد بن فدكي , وعروة البارقي : ان يجتمعوا بالمصيخ في ساعة من ليلة واعدهم بها, فاجتمعوا بها في الموعد بالمصيخ , واغاروا عليهم من ثلاثة اوجه , وهم نائمون ,فقتلوهم حتى امتلا الفضاء من قتلاهم , فما شبهوهم الا بغنم مصرعة . قـال : وكان معهم عبدالعزى بن ابي رهم النمري ولبيد بن جرير,وكانا قد اسلما, ومعهما كتاب ابي بـكـر باسلامهما, فقتلا في المعركة , فبلغ ذلك ابا بكر وان عبدالعزى قال ليلتئذ: سبحانك اللّه م رب مـحـمد, فوداهما واوصى باولادهما, فكان عمر يعتد بقتلهماوقتل مالك بن نويرة على خالد, فيقول ابو بكر: كذلك يلقى من ساكن اهل الحرب الحديث . على هذه الرواية استند الحموي في ترجمته لمصيخ بني البرشاءحين قال : (هـو بين حوران والقلت , وكانت بها وقعة لخالد على بني تغلب ـ الى قوله ـ وقد شدد الياء ضرورة القعقاع بن عمرو فقال : وسائل بنا يوم المصيخ تغلبا. وهل عالم شيئا (كخر) جاهل ؟ طرقناهم فيها طروقا فاصبحوا. احاديث في افناء تلك القبائل . وفيهم اياد والنمور وكلهم . اصاخ لما قد غرهم للزلازل ) ((154)). هذا كله عند سيف , ولا ذكر للمصيخ وما ذكره سيف عن حربهاعند غيره مناقشة السند: حديث سيف في مصيخ بني البرشاء تتمة حديثه في خبر ما بعدالحيرة الذي سبق ذكر مناقشة سنده . نتيجة البحث : لـم يـكـن من هذا الحديث شي ء عند غير سيف كي نقارنه بحديثه ,وانما كله مما تفرد بذكره سيف , وسياتي بيان سبب وضع قسم من . الاسطورة . حصيلة الحديث : ا ـ مكان اسمه مصيخ بني البرشاء ذكر له ترجمة مع تراجم (البلاد الاسلامية ). ب ـ صـحـابـي تـميمي اسمه اعبد بن فدكي مع اخ له اسمه ابوليلى وصحابي نمري سماه ابو بكر عبداللّه ـ تاتي تراجمهم ـ. ج ـ ابيات شعر لبطل تميم القعقاع . د ـ واخيرا وقعة حربية هائلة , ومجزرة , وقتلى كالغنم المصرعة يطرب لسماعها الاسطوريون , والمنقبيون , واعداءالاسلام , ولم يكن لشى ء من ذلك وجود خارج حديث سيف
الفراض
روى الـطـبـري عن سيف ان تغلبا تجمعت بعد ذلك بالثني ,والزميل , ففعل خالد والقعقاع بهم ما فعلا بـالـمـصـيخ , ثم قال : ان خالدا سار الى الفراض وهي تخوم الشام والعراق , وقال : ان الروم اغتاضوا واستعانوا بمن يليهم من مسالح الفرس , واستمدوا بتغلب ,واياد, ونمر من القبائل العربية , فامدوهم , فاقتتلوا قتالا شديداطويلا, فانهزم الروم ومن معهم , فامر خالد بقتلهم , فكان صاحب الخيل يقود منهم الزمرة بالرمح , فاذا جمعوهم قتلوهم , وبلغ قتلاهم في المعركة والطلب مائة الف . وقـال : في هذه السفرة اتصلت الغزوات , واكثر فيهن الرجاز, ثم قال : رجع خالد الى الحيرة , وامر عـاصـم بـن عـمـرو اخـا الـقـعقاع ان يسير بالجيش , وجعل على ساقة الجيش شجرة بن الاغر, واظـهـرخالد انه في الساقة , وخرج متكتما لخمس بقين من ذي القعدة ,واعتسف الطريق فما توافى آخـر الـجـنـد الحيرة حتى وافاهم راجعامن الحج , فبلغ خبره الخليفة ابا بكر, فعاقبه بصرفه من العراق الى الشام . وعـلى هذه الرواية اعتمد الحموي فيما ذكر في الفراض وقال :(وفي كتاب الفتوح : لما قصد خالد بـن الوليد (رض ) بغتة بني غالب الى الفراض والفراض : تخوم الشام والعراق والجزيرة في شرقي الفرات واجتمعت عليه الروم , والعرب , والفرس , فاوقع بهم وقعة عظيمة , قال سيف : قتل فيها مائة الف , ثم رجع خالدالى الحيرة لعشر بقين من ذي الحجة سنة 12, قال القعقاع : لقينا بالفراض جموع روم . وفرس غمها طول السلام . ابدنا جمعهم لما التقينا. وبيتنا بجمع بني رزام . فما فتئت جنود السلم حتى . راينا القوم كالغنم السوام ((155))). مناقشة السند: فـي سند احاديث سيف عن الفراض محمد والمهلب ممن عرفناهم من مختلقاته من الرواة , وظفر بن دهي من مختلقاته من الصحابة تاتي ترجمته ان شاء اللّه ورجل من بني سعد ولا ندري ماذاتخيل سيف اسمه لنبحث عنه في كتب التراجم والطبقات . نتيجة البحث : معركة ((الثني )) بالفتح ((والزميل )) بالضم ياتي خبرهما في ترجمة ابي مفزر ان شاء اللّه تعالى , امـا وقعة ((الفراض )) بمافيها من مباغتة وتبييت وابادة مائة الف انسان , وكثرة رجزالرجاز فيها, وفـي ما قبلها, وحج خالد متكتما فكل هذا مما تفردبه سيف وروى عنه الطبري , ومن الطبري اخذ من ذكر حديثه غير ان الطبري حذف الاراجيز من هذه الرواية ومما سبقها مع تصريحه في روايته عن سيف بكثرة رجز الرجاز في تلك الوقائع الاسطورية . هـذا مـا كـان عـند الطبري , اما الحموي فقد اخرج قسما من رجزالقعقاع وصرح بمصدره : فتوح سيف , مع قسم من حديث الفراض . بترجمتها. والـذي يـستوقفنا في ما روى الطبري عن سيف : ان خالدا اظهرانه في الساقة , وخرج من الفراض مـتـكـتـمـا لـخـمـس بقين من ذي القعدة , والتحق بجيشه مع الساقة لعشر بقين من ذي الحجة كما في الحموي فكيف بقي الجيش مدة خمسة وعشرين يوما لا يعلم بغياب القائد العام ومن كان يصلي بهم , وكيف لم يعرف قادة الجيش ذلك ؟ ايام ؟. يستوقفنا هذا وغيره حصيلة الحديث : ا ـ مفخرة لخالد البطل المضري , وللقعقاع بطل تميم في المعركة الحربية . ب ـ براعة لخالد في اعتساف المسافة للحج . ج ـ صحابي مختلق اسمه شجرة بن الاغر ترجم في عدادالصحابة . د ـ مائة الف قتيل مما يعجب اعداء الاسلام . ه ـ ابيات من الشعر اضيفت الى ثروتنا الادبية , والقصة بمجموعها تطرب الاسطوريين والمنقبيين .
صرف خالد الى الشام
ذكـر الـمـؤرخـون ان عمرو بن العاص لما راى كثرة الجموع بالشام كتب الى ابي بكر يذكر امر الروم وما جمعوا, ويستمده فشاور ابو. بـكـر مـن عنده من المسلمين فقال عمر بن الخطاب : يا خليفة رسول اللّه (ص ) الوليد: يسير بمن معه الى عمروبن . الـعـاص , فـيكون له مددا, ففعل ابو بكر وكتب الى خالد بن الوليد,فلما اتاه كتاب ابي بكر قال : هذا عـمـل عمر, حسدني على فتح العراق وان يكون على يدي , فاحب ان يجعلني مددا لعمرو بن العاص واصـحـابـه فاكون كاحدهم , فان كان فتح شركنا فيه اواكون تحت يدي بعضهم , فان كان فتح كان ذكره له دوني ((156)). وفي رواية قال : (هذا عمل الاعيسر ابن ام شملة كره ان يكون فتح العراق على يدي ) الحديث . وكـره سـيف ان يشتهر وقوع التظني والشحناء بين الخليفة عمروالبطل خالد وكلاهما من مفاخر مـضر, وكره ان يحرم خالد من فتوح العراق فوضع الحديث في فتوح خالد بالعراق ما مر عليناقسم منه وعالج قصة صرف خالد من العراق الى الشام بماوضع في عدد من رواياته , منها قوله فيما سبق : ان اثـنين من المسلمين قتلا في غارة خالد على مصيخ بني البرشاء فاعتد عمربقتلهما عليه وما روى مـن كراهية ابي بكر لتعسفه الطريق في حجه متكتما, فعاقبه لذلك , وذكر في حديث آخر ان عمر لـم يزل يكلم ابا بكر في خالد فابى ان يطيعه وقال : لا اشيم سيفا سله اللّه ((157))
, واورد كتاب ابـي بـكـر الـيه بالسفر في حديث آخر, وكله اختلاق , ثم قال في حديث خامس ((158))
له بعد تمهيده ما سبق ذكره : ان خـالدا اظن عمر, وقال : هذا عمله حسدني ان يكون فتح العراق على يدي وبي ـ بعد اللّه ـ كسر اللّه حد العراق ورعب اهليه , وشجع المسلمين على غزوه . وقـال فـي حديث سادس بعده : (ولا يشعر ان عمر لا ذنب له فقال له القعقاع : ارفع لسانك عن عمر, واللّه ما كذب الصديق ,قال : صـدقـتـني فقبح اللّه الغضب والظنون الذي خلصك وابقى فيك الخير ونفى عنك الشر ) الحديث . من هذا الحديث نفهم سر اختلاق سيف لخالد تلك الغنائم والفتوح ,اختلق كل ذلك ليستطيع ان يروي عـن لـسان خالد انه قال : بي ـبعد اللّه ـ كسر اللّه حد العراق , ورعب اهليه , وشجع المسلمين على غزوه , وبعد خالد يعود الفضل في ذلك لبطل تميم القعقاع ,واخوته من تميم , والى القعقاع ايضا يعود الفضل في اصلاح نفس خالد, كما يعود اليه الفضل في وضع حد لاستمرار خالد بالقتل على نهر الدم , وله في حديث سيف مواقف اخرى في الشام ,والعراق , ياتي بيانها فيما يلي . مناقشة السند: روى سـيـف حـديث صرف خالد من العراق الى الشام بالاسانيدالمذكورة في حديث الفراض وفيهم صحابة ورواة مختلقون . خلاصة البحث : فـي ذكـر حـوادث سنة 12ه, اورد الطبري حديث سيف في بطولات القعقاع مع خالد في العراق , والحموي في ترجمة الاماكن التي اشرنا اليها, ومن الطبري اخذ كل من ابن الاثيروابن كثير, وابن خلدون , واشباههم جميع ما اوردوا من هذاالحديث في تواريخهم , فانهم يرجعون الى الطبري وحده فـيـماينقلون من تاريخ الصحابة , وقد برهنا على ذلك في فصل منشاالاسطورة من كتاب عبداللّه بن سبا وقـد اورد الـبـلاذري فـتوح خالد في العراق بشي ء من التفصيل وليس فيه ذكر للقعقاع ولا لمئات الالوف من القتلى ولا لكثيرمن . تلك الحروب والفتوح , ولا للبلاد المفتوحة كالثني , والولجة ,والحصيد, وغيرها, كما ان الطبري نـفـسه ايضا اخرج من طريق ابن اسحاق حروب خالد في العراق قريبا مما ذكره البلاذري ,وليس فـيـه ذكـر لشي ء من ذلك , كما ليس عند الدينوري ايضا في الاخبار الطوال شي ء منه , وان كل ذلك اقتصر حديثه على سيف ورواته ((159)) .
في طريق الشام
روى سيف في كيفية سفر خالد الى الشام وقال : سار خالد الى سوى ـ وسوى : ماء من ناحية السماوة بـالعراق ـ واغار من سوى على مصيخ بهراء بالقصواني , وقال سيف : مصيخ بهراءماء من المياه ثم قال : وكـان اهـل النمر يشربون وساقيهم يغنيهم ويقول : ((الا صبحاني قبل جيش ابي بكر)), فضربت عنقه فاختلط دمه بخمره . وروى الـطـبـري عـن سيف بعد هذا ما ملخصه : ان خالدا ذهب بسبي بهراء الى سوى , فبلغه تجمع غـسـان بـمـرج راهط, فسار من سوى حتى بلغ مرج الصفر فقاتل غسان وعليهم الحارث بن الايهم فـانتسف عسكرهم وعيالاتهم , ونزل بالمرج اياما, وبعث الى ابي بكر بالاخماس , ثم خرج منها حتى نـزل قـناة بصرى ,فكانت اول مدينة افتتحت بالشام على يدي خالد وجند العراق ,وخرج منها فوافى الواقوصة فنازلهم بها في تسعة آلاف . انتهى ما اورده الطبري ومنه اخذ ابن الاثير في تاريخه ,واخرج رواية سيف هذه ايضا ابن عساكر بترجمة القعقاع , وفي آخرها: وقال القعقاع بن عمرو في مسير خالد من سوى الى الواقوصة : قطعنا اماليس البلاد بخيلنا. نريد سوى من ابدات قراقر. فانا صبحنا بالمصيخ اهله . فطاروا ايادي كالطيور النوافر. افانا به بهراء ثم تجامرت . بنا العيس نحو الاعجمي الفرافر. فقلنا لبصرى ابصري فتعاممت . ودونهم بالمرج مرج الاصافر. جموع عليها الايهمان وحارث . لغسان اشباه السباع العراور. بدانا بمرج الصفرين فلم ندع . لغسان انفا فوق تلك المناخر. صبيحة طار الحارثان ومن به . سوى نفر نحتزهم بالبواتر. وجئنا الى بصرى وبصرى مقيمة . فالقت الينا بالحشا والمعاذر. فضضنا بها ابوابها ثم قاتلت . بنا العيس في اليرموك جمع العشائر ((160)) . اخـرج هذا الشعر ابن عساكر في آخر رواية سيف وحذفه الطبري , وهكذا يحذف الطبري رجز الـرجـاز من الروايات , والى حديث سيف هذا يستند الحموي في ترجمته لمصيخ بهراء, حيث يقول : (ومـصـيـخ بـهـراء هو ماء آخر بالشام , ورده خالد بن الوليدبعد سوى في مسيره الى الشام , وهو بالقصواني , فوجد اهله غارين وقد ساقهم بغيهم , فقال خالد: احملوا عليهم , فقام كبيرهم فقال : الا صبحاني قبل جيش ابي بكر. لعل منايانا قريب وما ندري . فـضـرب عنقه , واختلط دمه بخمره , وغنم اهلها, وبعث بالاخماس الى ابي بكر (رض ), وسار الى اليرموك , وقال القعقاع يذكرمصيخ بهراء: قطعنا اباليس البلاد بخيلنا. نريد سوى من ابدات قراقر. فلما صبحنا بالمصيخ اهله . وطار اباري كالطيور النوافر. افاقت به بهراء ثم تجاسرت . بنا العيس نحو الاعجمي القراقر). انتهى . والى هذا الحديث يستند ايضا فيما اخرجه بترجمة اليرموك حيث يقول : (وقال القعقاع بن عمرو يذكر مسير خالد من العراق الى الشام بعد ابيات : بدانا بجمع الصفرين فلم ندع . لغسان انفا فوق تلك المناخر. صبيحة صاح الحارثان ومن به . سوى نفر نجتذهم بالبواتر. وجينا الى بصرى , وبصرى مقيمة . فالقت الينا بالحشا والمعاذر. فضضنا بها ابوابها, ثم قابلت . بنا العيس في اليرموك جمع العشاير). ومن الحموي اخذ عبدالمؤمن ما اورده بترجمة المصيخ ,واليرموك في مراصد الاطلاع . هـذا فـي حـديث سيف , وفي غير حديث سيف لم يرد ذكر مصيخ بهراء, اما فتح بصرى , فقد اجمع المؤرخون على ان الجيوش الاسلامية كانت نازلة عليها قبل مجي ء خالد, بقيادة ابي عبيدة ,ويزيد بن ابي سفيان , وشرحبيل بن حسنة , فجاء خالد مع جنده ,والتحق بهم فلم يكن فتحها خاصا بخالد وجند العراق ((161)) . مناقشة السند: في سند حديث سيف عن سفر خالد الى الشام ممن سبق ذكره من مختلقاته من الرواة محمد والمهلب , وفـي سـنـد حـديـثـه ((عـبيداللّه بن محفز بن ثعلبة عمن حدثه من بكر بن وائل )) اما عبيد فان سـيـفايروي عنه ستة احاديث في الطبري , ولم نجد له ذكرا عند غيره ومن يكون ((من حدثه من بكر بن وائل )) لنبحث عنه ؟. نتيجة المقارنة : حـديـث واحد لسيف اخرجه ابن عساكر تاما بترجمة القعقاع ,واسنده الى سيف والطبري في خبر مسير خالد الى الشام ,وحذف . رجـز الـقـعقاع من آخر الرواية جريا على عادته في حذف رجزالرجاز من الروايات , والحموي اخرج قسما منه في ترجمة المصيخ , وقسما بترجمة اليرموك دون ان يذكر راوي الحديث ,وهذا ما يـشـوش عـلـى الـباحثين , ويوهمهم ان اسم القعقاع ورد في غير روايات سيف , كما يوهم ذلك في المصيخ , ولا ينتبه الباحث الى المصيخ من نسج خيال سيف القصاص , ولا وجود لها خارج اساطيره حصيلة الحديث : ا ـ بطولات لخالد. ب ـ مكان ترجم له في كتب البلدان . ج ـ ابيات للقعقاع التميمي اضيفت الى الثروة الادبية . د ـ فتح اول مدينة في الشام على يد خالد وجند العراق موطن سيف .
في فتوح الشام
اليرموك :روى الـطبري في حوادث سنة 13 بسنده عن سيف ان خالد بن الوليد عين القعقاع على كردوس من كراديس جند العراق في اليرموك , وان خالدا امره ان ينشب القتال فارتجز القعقاع وقال : يا ليتني القاك في الطـراد. قبل اعترام الجحفـل الـوراد. وانت في حلبتك الـوراد ((162)) . ثم ذكر تفصيل المعركة , وان الروم كان منهم ثمانون الف مقيد,واربعون الف مسلسل للموت , اربعون الـف مـربوط بالعمائم ,وثمانون الف فارس , وثمانون الف رجل ـ الى قوله ـ واقبل خالد والمسلمون عـلى الرجل يفضهم , فكانما هدم بهم حائطافاقتحموا في خندقهم , وهووا في الواقوصة المقترنون وغيرهم ,فيهوي الواحد بالعشرة , فتهافت في الواقوصة عشرون ومائة الف ,واخرج ابن عساكر في آخـر روايـة سـيف هذه , وكذلك في ترجمة القعقاع ايضا عن سيف قال : وقال القعقاع بن عمرو في يوم اليرموك : 1ـ الم ترنا على اليرموك فزنا. كما فزنا بايـام العـراق . 2ـ فتحنا قبلها بصرى وكانت . محرمة الجناب لـدى البعاق . 3ـ وعذراء المدائن قد فتحنا. ومـرج الصفرين على العتاق . 4ـ قتلنا من اقام لنا وفئنا. نهابهـم باسـياف رقـاق . 5ـ قتلنا الروم حتى ما تساوى . على اليرمـوك مفـروق الوراق . 6ـ فضضنا جمعهم لما استحالوا. على الواقوص بالبتر الرقاق ((163)) . 7ـ غداة تهافتوا فيها فصاروا. الى امـر يعضل بالذواق . واخرج رواية سيف هذه مع الابيات ابن كثير في تاريخه ,وبدونها ابن الاثير. واخـرج الحموي قسما من الحديث في مادة الواقوصة فقال :الواقوصة واد بالشام في ارض حوران نزله المسلمون ايام ابي بكر. الـصـديـق , وقـال القعقاع بن عمرو ثم اخرج من الابيات مايناسب المقام , البيت الاول والخامس الى السابع . ذكر سيف فتح اليرموك في السنة الثالثة عشرة , وبعد بصرى . وذكـر ابـن اسحاق وغيره من المؤرخين فتح اجنادين بعد بصرى وذكروا فتح اليرموك في السنة الخامسة عشرة , وآخر الفتوح الشامية . والواقوصة لم اجد لها ذكرا غير ما قاله البلاذري : (ان الـروم جمعوا جمعا بالياقوصة بعد اجنادين فلقيهم المسلمون هناك فكشفوهم ) ومن الجائز ان سـيفا قلب الياقوصة الى الواقوصة لما في مادة ((وقص )) من دلالة على كسر العنق وهذاما يناسب خيال سيف في الحروب . مناقشة السند: فـي سند حديث سيف عن اليرموك محمد بن عبداللّه ممن عرفناه من مختلقاته , وابو عثمان يزيد بن اسيد الغساني ويروي سيف عنه في الطبري وتاريخ ابن عساكر تسع روايات , اعتبرناه من مختلقات سيف لما لم نجد ذكره عند غيره . نتيجة البحث , وحصيلة الحديث : كـان الـذي انشب المعركة في اليرموك هو القعقاع , والمرتجز فيهاالقعقاع , وابو مفزر ((164))
الـتـمـيـمـيـان مـن جـنـد الـعراق , وقتل في الواقوصة عشرون الف ومائة الف سوى من قتل في الـمـعركة ,وليس عند غيره ذكر عن ذلك , وعدد جميع القتلى في فتوح البلدان سبعون الفا, وتفرد سيف بذكر فتح اليرموك في السنة الثالثة عشرة
فتح دمشق
روى سـيـف فـي خـبر فتح دمشق انه ولد لبطريق دمشق مولودفصنع طعاما, فاكل القوم وشربوا وغفلوا عن مواقفهم , ولم يشعربذلك احد من المسلمين الا خالد, فانه كان متيقظا لا يخفى عليه شي ء مـن امـورهـم , وكـان قـد اتـخذ حبالا كهيئة السلالم , فلما امسى نهض هو ومن معه , وتقدمهم هو والـقعقاع والمذعور بن عدي ,فالقوا الحبال , فعلق بالشرف منها حبلان , فصعد فيها القعقاع ومذعور, ثم اثبتا بقية الحبال , فصعد الباقون , وقاتلوا الذين يلونهم , وفتحوا الباب الحديث . وفي آخر هذه الرواية عند ابن عساكر, وقال القعقاع بن عمروفي يوم دمشق : اقمنا على داري سليمان اشهرا. نجالد روما قد حموا بالصوارم . فضضنا بها الباب العراقي عنوة . فدان لنا مستسلما كل قائم . اقول وقد دارت رحانا بدارهم . اقيموا لهم جز الذرى بالغلاصم . فلما زادنا في دمشق نحورهم . وتدمر عضوا منهما بالاباهم ((165)) . يعني اقمنا اشهرا على دمشق وتدمر, وهما داران بناهما سليمان . وهذا الرجز حذفه الطبري من آخر الرواية جريا على عادته . هـذا مـا ذكره سيف , واخذ منه الطبري وابن عساكر ومن الطبري اخذ ابن الاثير وابن كثير وبدا ذكـر خـبـره بـقـولـه ((قال سيف ))هذه رواية سيف , اما غير سيف فقد ذكر البلاذري في فتح دمـشق من فتوح البلدان , وقال : ان خالد بن الوليد شرط لاهل دير يعرف بدير خالد, شرطا بالتخفيف عنهم في خراجهم حين اعطوه سلماصعد عليه , وانفذه ابو عبيدة . مناقشة السند: روى سـيف حديث دمشق بسند واحد عن ابي عثمان يزيد عن خالد وعبادة , وابو عثمان عرفناه من مختلقات سيف , وخالدوعبادة يروي عنهما سيف ست عشرة رواية في تاريخ الطبري وابن عساكر, ولا ندري من هذان المجهولان .