تعليم الانجيل وضرورة المدنية والاجتماععمانوئيل: وأما قولك يا والدي: (إن الأناجيل علمت كثيرا بحسن الأخلاق وحسن السلوك مع الناس والهدو والوداعة). فلا يخفى أن تعليم المسيح بذلك الذي نقله التلاميذ لا يمكن أن تكون حقيقته الفائقة كما هو مكتوب. فإن التعليم الصحيح من هذا ما يجري على حدود الحقيقة ولا يضيعها بالإفراط كما تضيع بالتفريط. وهذا إنجيل متى يذكر في الفصل الخامس عن المسيح أنه قال: (سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن وأما أنا فأقول لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا.ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا) وذكر نحوه إنجيل لوقا في الفصل السادس. يا والدي وأنت ترى ما في هذا التعليم من المبالغة والافراط المضر بنظام الاجتماع. وهل يخفى على العارف أن الاجتماع لا ينتظم مع تمام الخضوع للشر والأشرار.بل لا يستغني حسن الاجتماع عن شئ من مدافعة الشر والأشرار وإرهابهم بقانون القصاص والتأديب مع الوصية بفضيلة العفو وملاطفة العواطف بحيث يعطي كل مقام حقه من صالح الدفاع والسياسة وفضيلة العفو وجميل الصبر. فلا يصح في القانون الأساسي في النبوة العامة أن يعلم بمحض الصرامة والشدة في أعمال القصاص بدون إشارة إلى فضيلة العفو كما جرى في التوراة الرائجة حيث علمت بالقصاص كما في الفصل الحادي والعشرين من سفر الخروج والرابع والعشرين من سفر اللاويين والتاسع عشر من سفر التثنية ولم تشر إلى العفو ولا إلى فضيلته كما لا يصح أن يعلم بمثل ما ذكرناه في الانجيل الرائج من رفض شريعة التوراة في القصاص مع التعليم بهذا الخضوع الواهي والمسكنة السخيفة بهذه المبالغة.