مرضي الطريقة محمود السيرة مستقيم الدعوة المعقولة تألف إلى كماله النفوس وتركن إلى فضيلته المستقيمة في أحواله وأطواره. ولم يكن في أحواله وأطواره وأقواله ودعوته ما يكذبها أو يوجب الريب العقلائي الذي يطردها عن ساحة القبول فلا ريب في أن النفوس السالمة من داء العصبية والعناد والأهواء لا تتسرع إلى دعوته بالجحود ولا تبادر أمانته بفلتات سوء الظن بل تركن إلى الوثوق بقوله والاقبال على دعواه ونتوسم بباطنه الخير وموافقته لظاهره وكلما ازدادوا خبرة بصلاح ظاهره في أحواله ازدادوا وثوقا بصلاح باطنه أيضا وتفوقه على سائر الناس بكماله البشري.ولكن مهما يكن من ذلك فإن هذا الوثوق وهذا الاعتماد لا يتعديان مرتبة الظن المبني على الظاهر فإن سرائر الانسان مستورة ودعوى النبوة والرسالة من الله دعوى غيبية كبيرة لها آثار عظيمة فلا يكفي فيها الركون الظني والوثوق المبني على ظاهر الصلاح بل لا بد فيها من اليقين الدافع لاختلاج الريب واعتراض الشكوك ليكون الإذعان بها والالتزام بآثارها والانقياد إليها ثابتا على أساس رصين. ولأجل ذلك يظهر الله المعجز على يده ليكون حجة قاطعة على صدقه في دعوى النبوة والرسالة عن الله وما يلحق بذلك من التبليغ عن الله في دعوته.