الزوائد الدودية في المعاء الأعور للانسانومن أين علموا أن الزوائد لا حاجة للانسان إلى وضعها الخاص في جهاز هضمه حتى حكموا بأنها أثرية من طول المعاء الأعور في سائر الحيوانات قد خرجت عن وضعها الطبيعي لاستغناء الانسان عن مقدارها من الأعور. فكأنهم لم يعرفوا تفاوت الحيوانات الفقرية في جهاز الهضم بحسب حاجاتها الخاصة في طبيعتها النوعية. فالحيوانات المجترة جعل لها الكرش بدلا عن المعدة وهو وعاء عظيم بالنسبة إلى المعدة من الانسان خشن صلب ويليه بطون أخرى صغار من فوق إلى تحت مضاعفة الحجب والصفاقات والسبب في كثرة بطونه احتياج هذا الحيوان لزيادة الهضم فإن نهمته وكثرة أكله لا تدعه يمضغ مأكوله جيدا حينما يظفر به وهذا عمله في أكله الرطب واليابس فتخزن هذه البطون مأكوله وتهضمه ليعيد عليه المضغ بالاجترار عند استراحته. ومعاء هذا الصنف من الحيوان أعظم من معاء ما لا يجتر مع حفظ النسبة بين الحيوانين في مقدار الجسم، والفيل ليس له كرش ولا معدة بل له معاء كثير التشبك والالتفاف وبعده معاء الدفع. وبعض الحيوانات لها مرارة وبعضها ليس لها مرارة قيل ومنها الإبل والبغل والفرس. وبعض الحيوانات الفقرية ليس لها طحال. وبعض الطيور لها حوصلة لهضم الشئ الصلب. وبعضها له بدل الحوصلة فم معدة واسع عريض. وبعضها له حوصلة وفم معدة. وبعضها لا حوصلة له ولا فم معدة بل له معدة مستطيلة. ولكثير من السمك والطير شعب تتشعب من معاها.والمعاء الأعور من البط طويل بحسب نسبته مع باقي الحيوانات وقيل إن قسما منه يكون أعوره أطول من سائر البط. يا سيدي ولما كانت وظيفة الأعور هضم ما يقذفه اللفائفي وتطهيره من المواد المضرة المحتاجة إلى الهضم لكي يقذفه إلى القولون خالصا من تلك المواد فتمتص منه الأوعية كيلوسا نقيا فربما كانت الزوائد الدودية تتناول من الأعور ما يعجز عن هضمه بسرعة فتهضمه بطبعها وضغطها له. وربما تكون مخزنا للإفرازات المضرة إلى أن تكسر عاديتها ثم تقذفها إلى المستقيم في نوبة لا يندس منها شئ في أوعية الغذاء وإن صمام الزوائد وإن كان ناقصا يشهد بأن لها عملا كبيرا وأنها نشوء ابتدائي فإنه ليس في المعاء الأعور في غير الانسان إلا صمام واحد في أوله وإن صمام الزوائد يرد القول بكونها أثرية فإنها إن كانت جزءا من الأعور قد خرج عن طبيعته فمن أين جاء الصمام؟ بل إن غلظ جدرانها يشهد بأن لها عملا كبيرا فإن كل معاء يكون أكثر عملا يكون أغلظ جدرانا. بل إن كثرة الغدد الوحيدة فيها كالأعور تشهد بأن لها عملا تحتاج لأجله إلى وجود الغدد وامتصاصها.وإذا كانت الزوائد الدودية خرجت عن حالها الطبيعي فلماذا توجد فيها جميع أوعية الحياة العضوية على الوجه التام كما في الأعور وسائر الأمعاء. ولماذا لم تخرج هذه الأوعية عن حالها الطبيعي؟ هب إنا جهلنا فائدة الزوائد في حياة الانسان فلماذا نقتحم وننفي فائدتها ولا نرجو كشفها في مستقبل العلم إذا لم يعرقل في سيره ولماذا نقتحم دعوى الأثرية فيها مع أنا نرى التفاوت والاختلاف الكبير في أعضاء الحيوان وخصوص جهاز هضمه بحسب حاجاته. فهل يمتنع في نظام الأعضاء وأعمال الهضم أن يحتاج الانسان إلى وضع الزوائد الدودية.