في النفس والعقللا ينبغي للمناقشات في الحيثيات أن تقف أمام الحقائق الملموسة بيد الادراك الأولي والمنظورة بعين البصيرة. بل اللازم في فلسفة الحقائق أن نمشي مع واجبها العلمي لتحصيل النتائج المطلوبة جنبا لجنب. إذن فلا يهمنا في مقامنا هذا أن نوسع نطاق البحث لكي نقول إن العقل هو جوهر قائم بذاته ملازم في مرافقته للنفس لتستهدي به إلى الحقائق الصالحة ويكون دليلا مرشدا لها في سبيل هداها. أو لكي تقول: إن ذات النفس تسمى نفسا باعتبار تمايلها إلى شخصيات الجسد وتحرك إرادتها بأهوائه من دون اعتناء لها بما تدركه من الحقائق الصالحة. وتسمى عقلا باعتبار إدراكها للحقائق وجريان إرادتها وأعمالها على مقتضى تلك الحقائق وإدراكها. لا مساس لهذا البحث المتشعب ونتائجه في تشويش ما نريد بيانه أو في تنويع ما نتطلبه من النتائج.
في تعليل الأعمال والأفعال
في تعليل الأعمال والأفعاليتوهم المتوهم أو يغالط المغالط بأن أعمال الانسان وتروكه معللة بأمور جسدية. أما طبيعية للجسد كالمزاج والسحنة وأما كسبية كالأخلاق المكتسبة من العادة أو مقتضى البيئة والمحل أو المحيط كالقرين والخليط والأحوال ونحو ذلك. ولكن صدق الاعتبار والاشراف على الحقائق الراهنة يجلو غبار الأوهام ويضمحل به سراب المغالطات. وإليك بعض ما ينبهك من الغفلات.