رحلة المدرسیّة والمدرسة السیّارة فی نهج الهدی نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
القس: يا اليعازر إن أفكار ولدك راقية وتنبهاته جيدة يتكلم على أساسات متقنة بحجة معقولة لم يقيد نفسه التعصب وتقليد الأوائل، ولم يتسرع بهملجة العصريين إلى حب الجديد والاقتناع بالتخمينات الوهمية، ومخالفات العقل. فليس من الصالح أن تضرب على أفكار ولدك فتضطره الشكوك في الديانة الخاصة إلى الطفرة إلى مبادئ الإلحاد كما عم هذا الداء في أروپا وأمريكا. إذ صارتا كعاصمة الإلحاد بعد أن كانتا زاهيتين زاهرتين بالديانة الإلهية. فإن التدين بالإلهية على الحقيقة والحجة القويمة هو المهم الأولي والتدين الأساسي. وأما التدين بالنبوات الخصوصية فهو أمر ثانوي، تتجلى حقيقته بالاستضاءة بأنوار الأساسيات الحقيقة في الإلهية.والآن أرى الدواء الناجح لولدك أمرين: أحدهما: أن يتلمذ على روحاني واسع العلم، حسن الاطلاع، جيد الانصاف، شريف المكالمة، لين العريكة، حر الضمير، عارف بفلسفة التعليم، برئ من التعصب لم يستعبده الهوى، ولا تأخذه في الحق لومة لائم، ولا طمع في رتبة أو راتب. وثانيهما: أن توضع على ولدك يد بركة وقداسة لكي يحل عليه روح القدس فيفهمه الحق بالتوفيق والتسديد.اليعازر: ها أنا ذا أقول قولا لا تحسبه يا سيدي تمجيدا تمليقا لحضرتك بل أقوله عن اعتقاد صميمي وهو: إن الدواء الناجح الذي تذكره لولدي لا أراه موجودا إلا عند روحانيتك وقداستك. فأرجو الترحم علي وعلى ولدي بالإقامة لأجلنا، بل لأجل الديانة المسيحية إذ تقوم بنجاح كبير بالتبشير في هذا القطر العظيم. فإني أرجو أن يكون لك نجاح كبير في اجتلاب المسلمين إلى المسيحية.القس: يا اليعازر ما سمعت لمرسل مسيحي نجاحا يذكر في تبشيره بين المسلمين. ومن المدهش أني لم أجد بين الهندوس مبشرا مسلما. ومع ذلك أرى الهندوس يتقاطرون على الديانة الاسلامية على رغم كثرة المبشرين فيهم من المسيحيين وملاطفاتهم بالعنايات الصحية ونشر الكتب المقدسة بلغاتهم وموافقتنا لهم في أمر الثالوث والأقانيم وتجسد الإله. مع تأييد ذلك بسلطة السياسة.. وهكذا يبلغني عن سودان " إفريقيا) بمصادر وثيقة. أفليس هذا من العجيب.اليعازر: ما هو السبب والسر في ذلك.القس: إن كنا لا نعرفه فدعنا لا نعرفه حالا.عمانوئيل: لم أزل مصغيا إلى كلمات والدي وغبطة القس وكانت كل كلمة من كلمات القس تغرس في ضميري غرسا صالحا آمل أن أجتني ثمره الطيب في وقت قريب.القس: إقرأ يا عمانوئيل من حيث انتهيت.